تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣٠ - الصفحة ١٢٣
في الكلام أي سبط ارم وجعل ارم عليه اسم أمهم وهو قول فيه حكاه في القاموس ووجه منع الصرف فيه ظاهر وأبى بعضهم إلا جعله اسم جدهم ومعنى كونهم سبطه أنهم ولد ولده ولا يظهر على هذا علة منع صرفه ولعل ذلك هو الذي دعا إلى جعله اسم أمهم لكن رأيت في تعليقات بعض الأفاضل على الحواشي العصامية على تفسير البيضاوي إن ارم إنما منع من الصرف سواء كان اسما للقبيلة أم لجدها للعلمية والعجمة وقال إنهما موجودتان في عاد أيضا إلا أنه لكونه ثلاثيا ساكن الوسط يجوز فيه الأمران الصرف وعدمه وزعم أن هذا هو الحق وبكونه اسم القبيلة قال مجاهد وقتادة زابن اسحق ولا حاجة معه إلى تقدير مضاف فقوله تعالى: * (ذات العماد) * صفة لارم نفسها والمراد ذات القدود الطوال على تشبيه قاماتهم بالأعمدة ومنه قولهم رجل معمد وعمدان إذا كان طويلا وروي هذا عن ابن عباس ومجاهد واشتهر انه كان قد احدهم اثنى عشر ذراعا وأكثر وفي تفسير الكواشي قالوا كان طول الطويل منهم أربعمائة ذراع وكان أحدهم يأخذ الصخرة العظيمة قيقلبها على الحي فيهلكهم وعن قتادة وابن عباس في رواية عطاء المراد ذات الخيام والأعمدة وكانوا سيارة في الربيع فإذا هاج النبت رجعوا إلى منازلهم وقال غير واحد كانوا بدويين أهل عمد وخيام يسكنونها حلا وارتحالا وقيل المراد ذات الوقار أو ذات الثبات وطول العمر والكل على الاستعارة وقوله تعالى:
* (التى لم يخلق مثلها فى البل‍اد) * * (التي لم يخلق مثلها في البلاد) * صفة أخرى لها أي لم يخلق مثلهم في عظم الاجرام والقوة في بلاد الدنيا وقد سمعت ما نقل عن الكواشي آنفا وما ذكر فيه من انه كان أحدهم الخ جاء في حديث مرفوع أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه عن المقدام بن معد يكرب وقيل ارم اسم مدينة لهم قال محمد بن كعب هي الاسكندرية وقال ابن المسيب والقبري هي دمشق وقيل اسم أرضهم وهي بين عمان وحضرموت وهي أرض رمال وأحقاف فقد قال سبحانه وتعالى واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وبهذا اعترض القول بأن مدينتهم الاسكندرية والقول بأنها دمشق حيث أنهمنا ليستا من بلاد الأحقاف والرمال إلا أن يقال ما هنا عاد الأولى وما في آية الأحقاف عاد الآخرة ويلتزم عدم اتحاد منازلهما وعلى القول بكونه اسم مدينتهم أو اسم أرضهم فهو بتقدير مضاف لتصحيح التبعية أي أهل ارم وقيل يقدر مضاف في جانب المتبوع أي بمدينة أو بأرض عاد ارم وهو كما ترى ومنع الصرف على الوجهين لما سمعت والأكثرون على أنها اسم مدينة عظيمة في أرض اليمن والوصفان لها والمراد ذات البناء الرفيع أو ذات الأساطين التي لم يخلق مثلها سعة وحسن بيوت وبساتين في بلاد الدنيا ويروى أنه كان لعاد ابنان شداد وشديد فملكا وقهرا ثم مات شديد وخلص الأمر لشداد فملك الدنيا ودانت له ملوكها فسمع بذكر الجنة فقال إبني مثلها فبنى إرم في بعض صحاري عدن في ثلثمائة سنة وكان عمره تسعمائة سنة وهي مدينة عظيمة قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفيها أصناف الأشجار والأنهار المطردة ولما تم ناؤها سار إليها بأهل مملكته فلما كان منها مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليهم صيحة من السماء وعن عبد الله بن قلابة أنه خرج في طلب ابل له فوقع عليها فحمل قدر عليه مما ثم وبلغ خبره معاوية فاستحضره فقص عليه فبعث إلى كعب فسأله فقال هي ارم ذالت العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عقبه خال يخرج في طلب إبل له ثم التفت فابصر من قلابة فقال هذا والله ذلك الرجل وخبر شداد المذكور أخوه في الضعف بل لم تصح روايته كما ذكره الحافظ ابن حجر فهو موضوع كخبر ابن قلابة وروي عن مجدهد أن ارم مصدر أرم يأرم إذا هلك فارم بمعنى هلاك منصوب على نحو نصب المصدر التشبيعي مضاف إلى ذات والتي صفة لذات العماد مرادا بها المدينة وكيف فعل في
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»