فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما " وفي رواية الترمذي " ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان ألا غفر لهما قبل أن يتفرقان " وفي الأذكار النووية أنها مستحبة عند كل لقاء وأما ما اعتاده الناس بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له ولكن لا بأس به، فإن أصل المصافحة سنة وكونهم محافظين عليها في بعض الأحوال ومفرطين في كثير منها لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها، وجعل ذلك العز بن عبد السلام في قواعده من البدع المباحة، وأطال الشيخ إبراهيم الكوراني قدس سره الكلام في ذلك، وأما المانقة فقال الزمخشري: كرهها أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وكذلك التقبيل قال: لا أحب أن يقبل الرجل من الرجل وجهه ولا يده ولا شيئا من جسده، ورخص أبو يوسف عليه الرحمة المعانقة؛ ويؤيد ما روى عن الإمام ما أخرجه الترمذي عن أنس قال: " سمعت رجلا يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا قال: لا قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا قال: أياخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم " وفي " الأذكار " التقبيل وكذا المعانقة لا بأس به عند القدم من سفر ونحوه، ومكروه كراهة تنزيه في غيره، وللأمرد الحسن حرام بكل حال.
أخرج الترمذي وحسنه عن عائشة قالت: قدم زيد بن خالد بن حارثة المدينة ورسول الله في بيتي فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله، وزاد رزين في حديث أنس السابق بعد قوله: ويقبله قال: " لا إلا أن يأتي من سفره " وروى أبو داود سئل أبو ذكر هل كان صلى الله عليه وسلم يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني وبعث إلي ذات يوم ولم أكن في أهلي فجئت فأخبرت أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى فاتيته وهو على سريره فالتزمني فكانت أجود أجود، وهذا يؤيد الإطلاق المحكي عن أبي يوسف؛ وينبغي التأسي بهم رضي الله تعالى عنهم في التشدد على أعداء الدين والرحمة على المؤمنين. وقد أخرج ابن أبي شيبة. وأبو داود عن عبد الله بن عمر مرفوعا " من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا " وإخراجا هما. وأحمد. وابن حبان. والترمذي وحسنه عن أبي هريرة قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تنزع الرحمة إلا من شقي " ولا بأس بالبر والإحسان على عدو الدين إذا تضمن مصلحة شرعية كما أفاد ذلك ابن حجر في " فتاويه " الحديثية فليراجع. وقرأ يحيى بن يعمر * (أشدا) * بالقصر وهي قراءة شاذة لأن قصر الممدود في الشعر نحو قوله: لا بد من صنعا وإن طال السفر وقوله تعالى: * (تراهم ركعا سجدا) * خبر آخر - للدين - أو استئناف ويجوز فيه غير ذلك على ما لا يخفى، والرؤية بصرية، والخطاب لكل من تتأتى منه، و * (ركعا سجدا) * حال من المفعول، والمراد تراهم مصلين، والتعير بالركوع والسجود عن الصلاة مجاز مرسل، والتعبير بالمضارع للاستمرار وهو استمرار عرفي، ومن هنا قال في " البحر ": هذا دليل على كثرة الصلاة منهم * (يبتغون فضلا من الله ورضوانا) * أي ثوابا ورضا، والجملة إما خبر آخر أو حال من مفعول * (تراهم) * أو من المستتر في * (ركعا سجدا) * أو استئناف مبني على سؤال نشأ من بيان مواظبتهم على الركوع والسجود كأنه قيل: ماذا يريدون بذلك؟ فقيل: يبتغون فضلا الخ.
وقرأ عمرو بن عبيد * (ورضوانا) * بضم الراء * (سيماهم) * أي علامتهم وقرىء * (سيمياؤهم) * بزيادة ياء بعد الميم والمد وهي لغة فصيحة كثيرة في الشعر قال الشاعر: غلام رماه الله بالحسن يافعا * له سيمياء لا تشق على البصر