للدلالة على أن ما بعدها من نتائج ما قبلها من حيث أنه يقتضي قدرة ذاتية غير متوقفة على العدد والمواد، وجوز فيها كونها تفصيلية وتعليلية أيضا فتدبر.
* (ألم تر إلى الذين يجادلون فىءايات الله أنى يصرفون) *.
* (ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون) * تعجيب من أحوالهم الشنيعة وآرائهم الركيكة وتمهيد لما يعقبه من بيان تكذيبهم بكل القرآن وبسائر الكتب والشرائع وترتيب الوعيد على ذلك، كما أن ما سبق من قوله تعالى: * (إن الذين يجادلون) * الخ بيان لابتناء جدالهم على مبنى فاسد لا يكاد يدخل تحت الوجود فلا تكرير فيه كذا في إرشاد العقل السليم.
وقال القاضي: تكرير ذكر المجادلة لتعدد المجادل بأن يكون هناك قوما وهنا قوما آخرين أو المجادل فيه بأن يحمل في كل على معنى مناسب ففيما مر في البعث وهنا في التوحيد أو هو للتأكيد اهتماما بشأن ذلك. واختار ما في الإرشاد، أي انظر إلى هؤلاء المكابرين المجادلين في آياته تعالى الواضحة الموجبة للإيمان بها الزاجرة عن الجدال فيها كيف يصرفون عنها مع تعاضد الدواعي إلى الإقبال عليها وانتفاء الصوارف عنها بالكلية. [يم الله تعالى:
* (الذين كذبوا بالكتابوبمآ أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون) *.
* (الذين كذبوا بالكتاب) * أي بكل القرآن أو بجنس الكتب السماوية فإن تكذيبه تكذيب لها في محل الجر على أنه بدل من الموصول الأول أو بيان أو صفة له أو في محل النصب على الذم أو في محل الرفع على أنه خبر محذوف أو مبتدأ خبره * (فسوف يعلمون) * وإنما وصل الموصول الثاني بالتكذيب دون المجادلة لأن المعتاد وقوع المجادلة في بعض المواد لا في الكل. وصيغة الماضي للدلالة على التحقيق كما أن صيغة المضارع في الصلة الأولى للدلالة على تجدد المجادلة وتكررها * (وبما أرسلنا به رسلنا) * من سائر الكتب على الوجه الأول في تفسير الكتاب أو مطلق الوحى والشرائع على الوجه الثاني فيه.
* (فسوف يعلمون) * كنه ما فعلوا من الجدال والتكذيب عند مشاهدتهم لعقوباته.
* (إذ الاغلال فىأعناقهم والسلاسل يسحبون) *.
* (إذ الأغلال في أعناقهم) * ظرف ليعلمون، والمعنى على الاستقبال، والتعبير بلفظ المضي للدلالة على تحققه حتى كأنه ماض حقيقة فلا تنافر بين سوف وإذ * (والسلاسل) * عطف على * (الأغلال) * والجار والمجرور في نية التأخير كأنه قيل: إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم، وقوله تعالى: * (يسحبون) * أي يجرون.
* (فى الحميم ثم فى النار يسجرون) *.
* (في الحميم) * حال من ضمير * (يعلمون) * أو ضمير * (في أعناقهم) * أو جملة مستأنفة لبيان حالهم بعد ذلك، وجوز كون * (السلاسل) * مبتدأ وجملة * (يسحبون) * خبره والعائد محذوف أي يسحبون بها.
وجوز كون * (الأغلال) * مبتدأ * (والسلاسل) * عطف عليه والجملة خبر المبتدأ و * (في أعناقهم) * في موضع الحال، ولا يخفى حاله، وقرأ ابن مسعود. وابن عباس. وزيد بن علي. وابن وثاب * (والسلاسل يسحبون) * بنصب السلاسل وبناء يسحبون للفاعل فيكون السلاسل مفعولا مقدما ليسحبون، والجملة معطوفة على ما قبلها، ولا بأس بالتفاوت اسمية وفعلية.
وقرأت فرقة منهم ابن عباس في رواية * (والسلاسل) * بالجر، وخرج ذلك الزجاج على الجر بخافض محذوف كما في قوله: أشارت كليب بالأكف الأصابع أي وبالسلاسل كما قرىء به أو في السلاسل كما في مصحف أبي، والفراء على العطف بحسب المعنى إذ الأغلال في أعناقهم بمعنى أعناقهم في الأغلال، ونظيره قوله: مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب إلا ببين غرابها