مقسما به فهي للعطف عليه لكن إذا كان قسما منصوبا على الحذف والإيصال يكون العطف عليه باعتبار المعنى والأصل، ثم المغايرة بينهما قد تكون حقيقية كما إذا أريد بالقرآن كله و * (بص) * السورة أو بالعكس أو أريد * (بص) * البحر الذي قيل به فيما مر وبالقرآن كله أو السورة، وقد تكون اعتبارية كما إذا أريد بكل السورة أو القرآن على ما قيل، ولا يخفى ما تقتضيه الجزالة الخالية عن التكلف.
وضعف جعل الواو للقسم أيضا بناء على قول جمع أن توارد قسمين على مقسم عليه واحد ضعيف، والذكر كما أخرج ابن جرير عن ابن عباس الشرف ومه قوله تعالى: * (وإنه لذكر لك ولقومك) * (الزخرف: 44) أو الذكرى والموعظة للناس على ما روى عن قتادة. والضحاك، أو ذكر ما يحتاج إليه في أمر الدين من الشرائع والأحكام وغيرها من أقاصيص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأخبار الأمم الدارجة والوعد والوعيد على ما قيل، وجواب القسم قيل مذكور فقال الكوفيون. والزجاج: هو قوله تعالى: * (إن ذلك لحق تخاصم أهل الناس) * (ص: 68) وتعقبه الفراء بقوله: لا نجده مستقيما لتأخر ذلك جدا عن القسم، وقال الأخفش هو * (إن كل إلا كذب الرسل) * وقال قوم: * (كم أهلكنا من قبلهم من قرن) * (الأنعام: 6) وحذفت اللام أي لكم لما طال الكلام كما حذفت من * (قد أفلح) * بعد قوله تعالى: * (والشمس) * حكاه الفراء. وثعلب، وتعقبه الطبرسي بأنه غلط لأن اللام لا تدخل على المفعول و * (كم) * مفعول.
وقال أبو حيان: إن هذه الأقوال يجب إطراحها، ونقل السمرقندي عن بعضهم أنه * (بل الذين كفروا) * الخ فإن * (بل) * لنفي ما قبله وإثبات ما بعده فمعناه ليس الذين كفروا إلا في عزة وشقاق.
وجوز أن يريد هذا القائل أن * (بل) * زائدة في الجواب أو ربط بها الجواب لتجريدها لمعنى الإثبات، وقيل هو صاد إذ معناه صدق الله تعالى أو صدق محمد صلى الله عليه وسلم ونسب ذلك إلى الفراء. وثعلب، وهو مبني على جواز تقدم جواب القسم واعتقاد أن * (ص) * تدل على ماذكر، ومع هذا في كون ص نفسه هو الجواب خفاء، وقيل هو جملة هذه صاد على معنى السورة التي أعجزت العرب فكأنه: قيل هذه السورة التي أعجزت العرب والقرآن ذي الذكر وهذا كما تقول: هذا حاتم والله تريد هذا هو المشهور بالسخاء والله، وهو مبني على جواز التقدم أيضا، وقيل هو محذوف فقدره الحوفي لقد جاءكم الحق ونحوه، وابن عطية ما الأمر كما تزعمون ونحوه، وقدره بعض المحققين ما كفر من كفر لخلل وجده ودل عليه بقوله تعالى: * (بل الذين) * الخ، وآخر إنه لمعجز ودل عليه ما في * (ص) * من الدلالة على التحدي بناء على أنه اسم حرف من حروف المعجم ذكر على سبيل التحدي والتنبيه على الإعجاز أو ما في أقسم بص أو هذه ص من الدلالة على ذلك بناء على أنه اسم للسورة أو أنه لواجب العمل به دل عليه * (ص) * بناء على كونه أمرا من المصاداة، وقدره بعضهم غير ذلك، وفي " البحر " ينبغي أن يقدر هنا ما أثبت جوابا للقسم بالقرآن في قوله تعالى: * (يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين) *.
ويقوى هذا التقدير ذكر النذارة هنا في قوله تعالى: * (وعجبوا أن جاءهم منذر منهم) * (ص: 4) وهناك في قوله سبحانه: * (لتنذر قوما) * فالرسالة تتضمن النذارة والبشارة [بم وجعل بل في قوله تعالى:
* (بل الذين كفروا فى عزة وشقاق) *.
* (بل الذين كفروا في عزة وشقاق) * للانتقال من هذا القسم والمقسم عليه إلى ذكر حال تعزز الكفار ومشاقتهم في قبولهم رسالته صلى الله عليه وسلم وامتثال ما جاء به وهي كذلك على كثير من الوجوه السابقة، وقد تجعل على بعضها للإضراب عن الجواب بأن يقال مثلا: إنه لمعجز بل الذين كفروا في استكبار من الإذعان لإعجازه أو هذه السورة التي