وأخرج الإمام مالك. والإمام أحمد. والبخاري. ومسلم. وأبو داود. والنسائي. وابن ماجه. وغيرهم عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قولوا اللهم صلى على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
وأخرج الإمام أحمد. والبخاري. والنسائي. وابن ماجه. وغيرهم عن أبي سعيد الخدري قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمنا فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم ".
وأخرج النسائي. وغيره عن أبي هريرة؛ أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نصلي عليك. قال: " قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم " وأخرج الإمام أحمد. وعبد بن حميد. وابن مردويه. عن ابن بريدة رضي الله تعالى عنه قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد " إلى غير ذلك مما ملئت منه كتب الحديث إلا أن في بعض الروايات المذكورة فيها مقالا، والظاهر من السؤال أنه سؤال عن الصفة كما أشرنا إليه قبل وهو الذي رجحه الباجي. وغيره وجزم به القرطبي. وقيل: إنه سؤال عن معنى الصلاة وبأي لفظ تؤدي والحامل لهم على السؤال على هذا أن السلام لما ورد في التشهد بلفظ مخصوص فهموا أن الصلاة أيضا تقع بلفظ مخصوص ولم يفروا إلى القياس لتيسر الوقوف على النص سيما والإذكار يراعى فيها اللفظ ما أمكن فوقع الأمر كما فهموه فإنه لم يقل عليه الصلاة والسلام كالسلام بل علمهم صفة أخرى كذا قيل. ويقال على الأول: إنهم لما سمعوا الأمر بالصلاة بعد سماع أن الله عز وجل وملائكته عليهم السلام يصلون عليه صلى الله عليه وسلم وفهموا أن الصلاة منه عز وجل ومن ملائكته عليه عليه الصلاة والسلام نوع من تعظيم لائق بشأن ذلك النبي الكريم عليه من الله تعالى أفضل الصلاة وأكمل التسليم لم يدروا ما اللائق منهم من كيفيات تعظيم ذلك الجناب وسيد ذوي الألباب صلى الله عليه وسلم صلاة وسلاما يستغرقان الحساب فسألوا عن كيفية ذلك التعظيم فأرشدهم عليه الصلاة والسلام إلى ما علم أنه أولى أنواعه وهو بهم رؤوف رحيم فقال صلى الله عليه وسلم: " قولوا اللهم صل محمد " إلى آخر ما في بعض الروايات الصحيحة، وفيه إيماء إلى أنكم عاجزون عن التعظيم اللائق بي فاطلبوه من الله عز وجل لي.
ومن هنا يعلم أن الآتي بما أمر به من طلب الصلاة له صلى الله عليه وسلم عز وجل آت بأعظم أنواع التعظيم لتضمنه الإقرار بالعجز عن التعظيم اللائق، وقد قيل ونسب إلى الصديق رضي الله تعالى عنه العجز عن درك الأدراك إدراك. ويقرب في الجملة مما ذكرنا قول بعض الأجلة ونقله أبو اليمن بن عساكر وحسنه لما أمرنا الله تعالى بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم لم نبلغ معرفة فضلها ولم ندرك حقيقة مراد الله تعالى فيه فأحلنا ذلك إلى الله عز وجل فقلنا اللهم صل أنت على رسولك لأنك أعلم بما يليق به وبما أردته له صلى الله عليه وسلم انتهى، ولعل ما ذكرناه ألطدف منه، ومقتضى ظاهر إرشاده صلى الله عليه وسلم إياهم إلى طلب الصلاة عليه من الله تعالى شأنه أنه لا يحصل امتثال الأمر إلا بما في طلب ذلك منه عز وجل