تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٥٠
بذلك ونحوه عن الجماع، وإطلاقه عليه إما من إطلاق اسم السبب على المسبب أو من إطلاق اسم المطلق على أخص بخوصه وهو الأوجه على ماذكره العلامة ابن الهمام، وبالجملة القول بأن ظاهر الآية يقتضي عدم وجوب العدة بمجرد الخلوة قول متين وحق مبين فتأمل.
وفي " البحر " لأبي حيان الظاهر أن المطلقة إذا راجعها زوجها قبل أن تنقضي عدتها ثم فارقها قبل أن يمسها لا تتم عدتها من الطلقة الأولى لأنها مطلقة قبل الدخول بها وبه قال داود. وقال عطاء. وجماعة: تمضي في عدتها عن طلاقها الأول وهو أحد قولي الشافعي، وقال مالك: لا تبني على العدة من الطلاق الأول وتستأنف العدة من يوم طلقها الطلاق لثاني وهو قول جمهور فقهاء الأمصار، والظاهر أيضا أنها لو كانت بائنا غير مبتوتة فتزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول فكالرجعية في قول داود ليس عليها عدة لابقية عدة الطلاق الأول ولا استئناف عدة للثاني ولها نصف المهر؛ وقال الحسن: وعطاء. وعكرمة. وابن شهاب. ومالك. والشافعي. وعثمان البيتي. وزفر: لها نصف الصداق وتتم بقية العدة الأولى، وقال الثوري. والأوزاعي. وأبو حنيفة. وأبو يوسف: لها مهر كامل للنكاح الثاني وعدة مستقبلة جعلوها في حكم المدخول بها لاعتدادها من مائه اه‍، وفيه أيضا الظاهر أن الطلاق لا يكون إلا بعد العقد فلا يصح طلاق من لم يعقد عليها وهو قول الجمهور من الصحابة والتابعين.
وقالت طائفة كثيرة منهم مالك يصح ذلك وعنى بطلاق من لم يعقد عليها قول الرجل كل امرأة أتزوجها فهي طالق أو إن تزوجت فلانة فهي طالق.
وقد أخرج جماعة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن ذلك فقال: هو ليس بشيء فقيل له: إن ابن مسعود كان يقول إن طلق ما لم ينكح فهو جائز فقال: أخطأ في هذا وتلا الآية. وفي بعض الروايات أنه قال: رحم الله تعالى أبا عبد الرحمن لو كان كما قال لقائل الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن) * ولكن إنما قال: * (إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن) *.
وفي " الدر المنثور " عدة أحاديث مرفوعة ناطقة بأن لإطلاق قبل نكاح، والمذكور في فروعنا أن ذلك من باب التعليل وشرطه الملك أو الإضافة إليه فإذا قال: إن نكحت امرأة فهي طالق أو إن نكحتك فأنت طالق وكل امرأة أنكحها فهي طالق يقع الطلاق إذا نكح لأن ذلك تعليق وفيه إضافة إلى الملك ويكفي معنى الشرط إلا في المعينة باسم ونسب كما إذا قال: فلانة بنت فلان التي أتزوجها فهي طالق أو بإشارة في الحاضرة كما لو قال: هذه المرأة التي أتزوجها طالق فإنها لا تطلق في الصورتين لتعريفها فلغا الوصف بالتي أتزوجها فصار كأنه قال: فلانة بنت فلان أو هذه المرأة طالق وهي أجنبية ولم توجد الإضافة إلى الملك فلا يقع الطلاق إذا تزوجها فتدبر.
وقرىء * (تماسوهن) * بضم التاء وألف بعد الميم، وعن ابن كثير. وغيره من أهل مكة * (تعتدونها) * بتخفيف الدال ونقلها عن ابن كثير ابن خالويه. وأبو الفضل الرازي في " اللوامح " عنه وعن أهل مكة، وقال ابن عطية: روى ابن أبي بزة عن ابن كثير أنه قرأ بتخفيف الدال من الدعوان كأنه قال: فما لكم عدة تلزمونها عدوانا وظلما لهن، والقراءة الأولى أشهر عنه وتخفيف الدال وهم من ابن أبي بزرة اه‍، وليس بوهم إذ قد نقله عنه جماعة غيره، وخرج ذلك على أن * (تعتدونها) * من الاعتداء بمعنى الظلم كما في قوله تعالى: * (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا والمراد) * تعتدون فيها كقوله: ويوما شهدناه سليما وعامرا * قليل سوى طعن الدراك نوافله
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»