تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٥٢
التمتيع الواقع بعد الفاء مرتب على الطلاق فيلزم ترتب الطلاق السني على الطلاق والضمير لغير المدخول بهن فلا يمكن أن يكون ذلك طلاقا مرتبا على الطلاق الأول لأن غير المدخول بهن لا يتصور فيها لحوق طلاق بعد طلاق آخر مع أنها إذا طلقت بانت.
* (ياأيها النبى إنآ أحللنا لك أزواجك اللاتىءاتيت أجورهن وما ملكت يمينك ممآ أفآء الله عليك وبنات عمك وبنات عم‍اتك وبنات خالك وبنات خ‍الا - تك اللاتى ه‍اجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم فىأزواجهم وما ملكت أيم‍انهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما) *.
* (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك التي ءاتيت أجورهن) * أي مهورهن كما قال مجاهد، وغيره وأطلق الأجر على المهر لأنه أجر على الاستمتاع بالبضع وغيره مما يجوز به الاستمتاع وتقييد الإحلال له بإعطائها معجلة كما يفهم من معنى * (آتيت) * ظاهرا ليس لتوقف الحل عليه بل لإيثار الأفضل له صلى الله عليه وسلم فإن في للتعجيل براءة الذمة وطيب النفس ولذا كان سنة السلف لا يعرف منهم غيره، وقال الإمام: من الناس من قال بأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجب عليه إعطاء المهر أولا وذلك لأن المرأة لها الامتناع من تسليم نفسها إلى أن تأخذ المهر والنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يستوفي ما لا يجب له والوطء قبل إيتاء الصداق غير مستحق وإن كان حلالا وكيف والنبي عليه الصلاة والسلام إذا طلب شيئا حرم الامتناع فلو طلب التمكين قبل إيتاء المهر لزم أن يجب وأن لا يجب وهو محال ولا كذلك أحدنا اه‍، وفيه بحث لا يخفى، وحمل الإيتاء على الإعطاء وما في حكمه كالتسمية في العقد، وجعل التقييد لإيثار الأفضل أيضا فإن التسمية أولى من تركها وإن جاز العقد بدونها ولزم مهر المثل خلاف الظاهر. واستدل أبو الحسن الكرخي من أصحابنا بقوله تعالى: * (إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن) * على أن النكاح ينعقد بلفظ الإجارة كما ينعقد بلفظ التزويج ويكون لفظ الإجارة مجازا عنه لأن الثابت بكل منهما ملك منفعة فوجد المشترك ورد بأنه لا يلزم من تسمية المهر أجرا صحة النكاح بلفظ الإجارة وما ذكر من التجوز ليس بشيء لأن الإجارة ليست سببا لملك المنفعة حتى يتجوز بها عنه قاله في " الهداية "، وقال بعضهم: إن الإجارة لا تنعقد إلا مؤقتة والنكاح يشترط فيه نفيه فيتضادان فلا يستعار أحدهما للآخر. وتعقب بأنه إن كان المتضادان هما العرضين اللذين لا يجتمعان في محل واحد لزمكم مثله في البيع من كونه لا يجامع النكاح مع جواز العقد به عند الأصحاب، على أن التحقيق أن التوقيت ليس مفهوم لفظ الإجارة ولا جزا منه بل شرط لاعتباره فيكون خارجا عنه فهو مجرد تمليك المنافع بعوض غير أنه إذا وقع مجردا لا يعتبر شرعا على مثال الصلاة فإنها الأقوال والأفعال المعروفة ولو وجدت من غير طهارة لا تعتبر، ولا يقال: إن الطهارة جزء مفهوم الصلاة هذا ومثل تقييد إحلال الأزواج بما ذكر على ما قيل تقييد إحلال المملوكة بكونها ممن باشر سباءها وشاهده في قوله تعالى: * (وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك) * فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليه الجواز كون السبي ليس في محله، ولذا نكح بعض المتورعين الجواري بعقد بعد الشراء مع القول بعدم صحة العقد على الإماء. واستشكل ذلك بمارية بنت شمعون القبطية رضي الله تعالى عنها فإنها لم تكن مسبية بل أهداها له صلى الله عليه وسلم أمير القبط جريج بن مينا صاحب الإسكندرية ومصر. وأجيب بأن هذا غير وارد لأن هدايا أهل الحرب للإمام لها حكم الفيء، وقد يقال: إنه يستشكل بسرية له صلى الله عليه وسلم أخرى وهي جارية وهبتها له عليه الصلاة والسلام زينب بنت جحش رضي الله تعالى عنها وكان هجرها عليه الصلاة والسلام في شأن صفية بنت حيي ذا الحجة والمحرم وصفر فلما كان شهر ربيع الأول الذي قبض فيه رضي الله تعالى عنها ودخل عليها فقالت ما أدري ما أجزيك فوهبتها له وقد عدوها من سراريه صلى الله عليه
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»