تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ١٠٨
أي من سيء العذاب وأشده، ومن للبيان * (أليم) * بالرفع صفة * (عذاب) * وقرأ كثر السبعة بالجر على أنه صفة مؤكدة لرجز بناء على ما سمعت من معناه، وجعله بعضهم صفة مؤسسة له بناء على أن الرجز كما روي عن قتادة مطلق العذاب وجوز جعله صفة * (عذاب) * أيضا والجر للمجاورة، والظاهر أن الموصول مبتدأ والخبر جملة * (أولئك لهم عذاب) * وجوز أن يكون في محل نصب عطفا على الموصول قبله أي ويجزي الذي سعوا وجملة * (أولئك لهم) * الخ التي بعده مستأنفة والتي قبله معترضة. وفي البحر يحتمل على تقدير العطف على الموصول أن تكون الجلمتان المصدرتان بأولئك هما نفس الثواب والعقاب؛ ويحتمل أن يكونا مستأنفتين والثواب والعقاب غير ما تضمنتا مما هو أعظم كرضا الله تعالى عن المؤمن دائما وسخطه على الكافر دائما، وفيه أنه كيف يتأتى حمل ذلك على رضا الله تعالى وضده وقد صرح أولا بالمغفرة والرزق الكريم وفي مقابله بالعذاب الأليم وجعل الأول جزاء.
* (ويرى الذين أوتوا العلم الذىأنزل إليك من ربك هو الحق ويهدىإلى صراط العزيز الحميد) *.
* (ويرى الذين أوتوا العلم) * أي ويعلم أولوا العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يطأ أعقابهم من أمته عليه الصلاة والسلام أو من آمن من علماء أهل الكتاب كما روي عن قتادة كعبد الله بن سلام. وكعب. وأضرابهما رضي الله تعالى عنهم * (الذي أنزل إليك من ربك) * أي القرآن * (هو الحق) * بالنصب على أنه مفعول ثان ليرى والمفعول الأول هو الموصول الثاني و * (هو) * ضمير الفصل) *.
وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع على جعل الضمير مبتدأ وجعله خبرا والجملة في موضع المفعول الثاني ليرى وهي لغة تميم يجعلون ما هو فصل عند غيرهم مبتدأ، وقوله تعالى: * (ويرى) * الخ ابتداء كلام غير معطوف على ما قبله مسوق للاستشهاد بأولى العلم على الجهلة الساعين في الآيات. وفي الكشف هو عطف على قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة) * (سبأ: 3) على معنى وقال الجهلة: لا ساعة وعلم أولى العلم أنه الحق الذي نطق به المنزل إليك الحق وتعقب بأنه تكلف بعيد فإن دلالة النظم الكريم على الاهتمام بشأن القرآن لا غير، وقيل عليه: أنت خبير بأن ما قبله من قوله تعالى: * (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة) * (سبأ: 3) وقوله سبحانه: * (وقال الذين كفروا هل ندلكم) * (سبأ: 7) الخ في شأن الساعة ومنكرى الحشر فكيف يكون ما ذكر بعيدا بسلامة الأمير فذكر حقية القرآن بطريق الاستطراد والمقصود بالذات حقية ما نطق به من أمر الساعة، وقال الطبري. والثعلبي: إن * (يرى) * منصوب بفتحة مقدرة عطفا على يجزي أي وليعلم أولو العلم عند مجيء الساة معاينة أنه الحق حسبما علموه قبل برهانا ويحتجوا به على المكذبين وعليه فقوله تعالى: * (والذين سعوا) * معطوف على الموصول الأول أو مبتدأ والجملة معترضة فلا يضر الفصل كما توهم، وجوز أن يراد بأولي العلم من لم يؤمن من الأحبار أي ليعلموا يومئذ أنه هو الحق فيزدادوا حسرة وغما. وتعقب بأن وصفهم بأولي العلم يأباه لأنه صفة مادحة ولعل المجوز لا يسلم هذا، نعكم كون ذلك بعيدا لا ينكر لا سيما وظاهر المقابلة بقوله تعالى: * (وقال الذين كفروا) * يقتضي الحمل على المؤمنين * (ويهدي إلى صراط العزيز) * الذي يقهر ولا يقهر * (الحميد) * المحمود في جميع شؤونه عز وجل، والمراد بصراطه تعالى التوحيد والتقوى، فاعل يهدي إما ضمير * (الذي أنزل) * أو ضمير الله تعالى ففي * (العزيز الحميد) * التفات، والجملة على الأول إما مستأنفة أو في مضوع الحال من * (الذي) * على إضمار مبتدأ أي وهو يهدي كما في قوله: نجوت وأرهنهم مالكا أو معطوفة على * (الحق) * بتقدير وإنه يهدي وجوز أن يكون يهدي
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»