تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٩٧
والأرض به عز وجل لحاجته سبحانه إليه، وهو جواب بنفي الحاجة على أبلغ وجه فقد كان يكفي في الجواب إن الله غني إلا أنه جىء بالجملة متضمنة للحصر للمبالغة وجىء بالحميد أيضا تأكيدا لما تفيده من نفي الحاجة بالإشارة إلى أنه تعالى منهم على من سواه سبحانه أو متصف بسائر صفات الكمال فتأمل جدا، وقال الطيبي: إن قوله تعالى: * (لله ما في السموات والأرض) * تهاون بهم وإبداء أنه تعالى مستغن عنهم وعن حمدهم وعبادتهم ولذلك علل بقوله سبحانه: * (إن الله هو الغني) * أي عن حمد الحامدين * (الحميد) * أي المستحق للحمد وإن لم يحمدوه عز وجل.
* (ولو أنما فى الارض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلم‍ات الله إن الله عزيز حكيم) *.
* (ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام) * أي لو ثبت كون ما في الأرض من شجرة أقلاما - فإن - وما بعدها فاعل ثبت مقدر بقرينة كون * (أن) * دالة على الثبوت والتحقق وإلى هذا ذهب المبرد، وقال سيبويه: إن ذلك مبتدأ مستغن عن الخبر لذكر المسند والمسند إليه بعده، وقيل: مبتدأ خبره مقدر قبله، وقال ابن عصفور: بعده: و * (ما في الأرض) * اسم أن و * (من شجرة) * بيان - لما - أو للضمير العائد إليها في الظرف فهو في موضع الحال منها أو منه أي ولو ثبت أن الذي استقر في الأرض كائنا من شجرة، و * (أقلام) * خبر أن قال أبو حيان: وفيه دليل دعوى الزمخشري وبعض العجم ممن ينصر قوله: إن خبر أن الجائة بعد - لو - لا يكون إسما جامدا ولا إسما مشتقا بل يجب أن يكون فعلا وهو باطل ولسان العرب طافح بخلافه، قال الشاعر: ولو أنها عصوفرة لحسبتها * مسومة تدعو عبيدا وأزنما وقال آخر: ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر * تنبو الحوادث عنه وهو ملموم إلى غير ذلك، وتعقب بأن اشتراط كون خبرها فعلا إنما هو إذا كان مشتقا فلا يرد * (أقلام) * هنا ولا ما ذكر في البيتين، وأما قوله تعالى: * (لو أنهم بادون) * فلو فيه للتمني والكلام في خبر أن الواقعة بعد لو الشرطية، والمراد بشجرة كل شجرة والنكرة قد تعم في الإثبات إذا اقتضى المقام ذلك كما في قوله تعالى: * (علمت نفس ما أحضرت) * (التكوير: 14) وقول ابن عباس رضي الله عنهما لبعض أهل الشام وقد سأله عن المحرم إذا قتل جرادة أيتصدق بتمرة فدية لها؟ تمرة خير من جرادة على ما اختاره جمع ولا نسلم المنافاة بين هذا العموم وهذا التاء فكأنه قيل: ولو أن كل شجرة في الأرض أقلام الخ، وكون كل شجرة أقلاما باعتبار الأجزاء أو الأغصان فيؤل المعنى إلى لو أن أجراء أو أغصان كل شجرة في الأرض أقلاما الخ، ويحسن إرادة العموم في نحو ما نحن فيه كون الكلام الذي وقعت فيه النكرة شرطا بلو وللشرط. مطلقا قرب ما من النفي فما ظنك به إذا كان شرطا بها وإن كانت هنا ليست بمعناها المشهور من انتفاء الجواب لانتفاء الشرط أو العكس بل هي دالة على ثبوت الجواب أو حرف شرط في المستقبل على ما فصل في المغنى، واختيار * (شجرة) * على أشجار أو شجر لأن الكلام عليه أبعد عن ابعتار التوزيع بأن تكون كل شجرة من الأشجار أو الشجر قلما المخل بمقتضى المقام من المبالغة بكثرة كلماته تعالى شأنه: وفي البحر أن هذا مما وقع فيه المفرد موقع الجمع والنكرة موقع المعرفة، ونظيره * (ما ننسخ من آية) * (البقرة: 106) * (ما يفتح الله للناس من رحمة) * * (ولله يسجد ما في السموات ما في والأرض من دابة) * (النحل: 49) وقول العرب: هذا أول فارس وهذا أفضل عالم يراد من الآيات ومن الرحمات ومن الدواب وأول الفرسان وأفضل العلماء ذكر المفرد النكرة وأريد به معنى الجمع المعرف باللام وهو مهيع في كلام العرب معروف وكذلك يقدر هنا من الشجرات أو من الأشجار اه‍ فلا تغفل. وقال الزمخشري: إنه قال سبحانه * (شجرة) * على التوحيد دون اسم الجنس الذي هو شجر لأنه أريد تفصيل
(٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 ... » »»