تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٠ - الصفحة ٥٣
وهم مشغولون بلهوهم. وقيل: خرج من قصر فرعون ودخل مصر وقت القيلولة أو بين العشاءين. وقيل: المدينة عين شمس. وقيل: قرية على فرسخين من مصر يقال لها: حابين. وقيل: هي الإسكندرية، والأشهر أنها مصر، ولعله هو الأظهر والمتبادر أن - على حين - متعلق بدخل، وعليه فالظاهر أن على بمعنى في مثلها في قوله تعالى: * (واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان) * (البقرة: 102) على قول.
وقال أبو البقاء: هو في موضع الحال من المدينة، ويجوز أن يكون في موضع الحال من الفاعل أي مختلسا اه‍ ولعل الذي دعاه إلى العدول عن المتبادر احتياجه إلى جعل على بمعنى في وخفاء نكتة التعبير بها دونها أو الاكتفاء بالظرف وحده عليه والأمر ظاهر لمن له أدنى تأمل، وقيل: إن الداعي إلى ذلك أن دخول المدينة في حين غفلة من أهلها ليس نصا في دخولها غافلا أهلها كما في وجه الحالية من المدينة ولا في دخولها مختلسا كما في وجه الحالية من الضمير فإن وقت الغفلة كوقت القائلة وما بين العشاءين قد لا يغفل فيه وفيه بحث.
و * (من أهلها) * في موضع الصفة لغفلة وما في " النظم الكريم " أبلغ من غفلة أهلها بالإضافة لما في التنوين من إفادة التفخيم، ولعله عدل عن ذلك إلى ما ذكر لهذا فتدبر، وقرأ أبو طالب القارىء - على حين - بفتح النون ووجه بأنه فتح لمجاورة الغين كما كسر في بعض القراآت الدال في الحمد لله لمجاورة اللام أو بأنه أجرى المصدر مجرى الفعل كأنه قيل: على حين غفل أهلها فنبي حين كما يبنى إذا أضيف إلى الجملة المصدرة بفعل ماض نحو قوله: على حين عاتبت المشيب على الصبا وهو كما ترى: * (فوجد فيها رجلين يقتتلان) * أي يتحاربان والجملة صفة لرجلين. وقال ابن عطية: في موضع الحال وهو مبني على مذهب سيبويه من جواز مجىء الحال من النكرة من غير شرط، وقرأ نعيم بن ميسرة يقتلان بإدغام التاء في التاء ونقل فتحتها إلى القاف، وقوله تعالى: * (هذا من شيعته) * أي ممن شايعه وتابعه في أمره ونهيه أو في الدين على ما قاله جماعة وهم بنو إسرائيل قال في الإتقان: هو السامري * (وهذا من عدوه) * من مخالفيه فيما يريد أو في الدين على ما قاله الجماعة وهم القبط واسمه كما في " الإتقان " أيضا قانون صفة بعد صفة لرجلين والإشارة بهذا واقعة على طريق الحكاية لما وقع وقت الوجدان كأن الرائي لهما يقوله لا في المحكي لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال المبرد: العرب تشير بهذا إلى الغائب قال جرير: هذا ابن عمي في دمشق خليفة * لو شئت ساقكم إلي قطينا وهذه الإشارة قائمة مقام الضمير في الربط والعطف سابق على الوصفية، واختلف في سبب تقاتل هذين الرجلين، فقيل: كان أمرا دينيا، وقيل: كان أمرا دنيويا، روي أن القبطي كلف الإسرائيلي حمل الحطب إلى مطبخ فرعون فأبى فاقتتلا لذلك، وكان القبطي على ما أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير خبازا لفرعون.
* (فاستغ‍اثه الذي من شيعته) * أي فطلب غوثه ونصره إياه * (على الذي من عدوه) * ولتضمين الفعل معنى النصر عدى بعلى ويؤيده قوله تعالى بعد: * (استنصره بالأمس) * (القصص: 18)، ويجوز أن يكون تعديته بعلى لتضمينه معنى الإعانة ويؤيده أنه قرىء فاستعانه بالعين المهملة والنون بدل الثاء، وقد نقل هذه القراءة ابن خالويه، عن
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»