تأنيثه لأنه المناسب لبيان الخور والضعف فيما يتخذه، وقال مولانا الخفاجي معرضا به: الظاهر أن المراد الجمع لا الواحد لقوله تعالى: * (الذين) * وأما افراد البيت فلأن المراد الجنس، ولذلك أنث * (اتخذت) * لا لأن المراد المؤنث، وفي القاموس العنكبوت معروف وهي العنكباة والعكنباة والعنكبوة والعنكباء، والذكر عنكب وهي عنكبة، وجمعه عنكبوتات وعناكب، والعكاب. والعكب والأعكب أسماء الجموع، وتعقب بأن عد ما عدا ما ذكره أولا اسم جمع لا وجه له لأن أعكب لا يصح فيه ذلك، وذكروا في جمعه أيضا عناكيب، واختلف في نونه فقيل أصلية، وقيل: زائدة كالتاء، وجمعه على عكاب يدل على ذلك. وذكر السجستاني في غريب سيبويه أنه ذكر عناكب في موضعين فقال في موضع: وزنه فناعل وفي آخر فعالل، فعلى الأول النون زائدة وهو مشتق من العكب وهو الغلظ اه المراد منه، ولعل الأقرب على ذلك كونه مشتقا من الكعب بالفتج بمعنى الشدة في السير فكأنه لشدة وثبه لصيد الذباب أو لشدة حركته عند فراره أطلق عليه اسم العنكبوت * (لو كانوا يعلمون) * أي لو كانوا يعلمون شيئا من الأشياء لعلموا أن هذا مثلهم أو أن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن، وقيل: أي لو كانوا يعلمون وهن الأوثان لما اتخذوها أولياء من دون الله تعالى، وفي الكشف أن قوله تعالى: * (لو كانوا يعلمون) * على جميع التقادير أي المذكورة في الكشاف وقد ذكرناها فيما مر من الايغال، جعلهم سبحانه في الاتخاذ ثم زادهم جل وعلا تجهيلا أنهم لا يعلمون هذا الجهل البين الذي لا يخفى على من له أدنى مسكة، و * (لو) * شرطية وجوابها محذوف على ما أشرنا إليه، وجوز بعضهم كونها للتمني فلا جواب لها وهو غير ظاهر.
* (إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شىء وهو العزيز الحكيم) * * (إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء) * على إضمار القول أي قل للكفرة إن الله الخ، وقيل: لا حاجة إلى إضماره لجوز أن يكون * (تدعون) * من باب الالتفات للإيذان بالغضب، وفيه بحث. وقرأ أبو عمرو. وسلام * (يعلم ما) * بالادغام. وأبو عمرو. وعاصم بخلاف * (يدعون) * بياء الغيبة حملا على ما قبله، و * (ما) * استفهامية منصوبة بتدعون و * (يعلم) * معلقة عنها فالجملة في موضع نصب بها و * (من) * الأولى متعلقة بتدعون على ما هو الظاهر و * (من) * الثانية للتبيين، وجوز كونها للتبعيض، ويحوز كون ما نافية ومن الثانية مزيدة وشيء مفعول تدعون، أي لستم تدعون من دونه تعالى شيئا، كأن ما يدعونه من دونه عز وجل لمزيد حقارته لا يصلح أن يسمى شيئا، وجوز كونها مصدرية وهي وما بعدها في تأويل مصدر مفعول يعلم على أنها بمعنى يعرف ناصبة لمفعول واحد ومن تبعيضية، أي يعرف دعاءكم وعبادتكم بعض شيء من دونه وقيل: * (من) * للتبيين و * (شيء) * بمعنى ذلك المصدر وتنوينه للتحقير، أي يعرف دعوتكم من دونه هي دعوة حقيرة، وجوز كونها موصولة مفعول يعلم بمعنى يعرف ومفعول تدعون عائدها المحذوف ومن إما بيان للموصول أو تبعيضية.
وجوز زيادتها على هذا الوجه وما بعده، ولا يخفى ما فيه، والكلام على الوجهين الأولين في * (ما) * تجهيل للكفرة المتخذين من دون الله تعالى أولياء لما فيهما من نفي الشيئية عما اتخذوه وليا؛ والاستفهام عنه الذي هو في معنى النفي لأنه إنكار، وفيه توكيد للمثل لأن كون معبودهم ليس بشيء يعبأ به مناسب ولذا لم يعطف، وعلى الوجهين الأخيرين فيها وعيد لهم لأن العلم بدعوتهم وعبادتهم عبارة عن مجازاتهم عليها وكذا العلم بما يدعونه عبارة عن مجازاتهم على دعائهم إياه، وترك العطف فيه لأنه استئناف، ويجوز أرادة التجهيل والوعيد في الوجوه كلها، وقوله تعالى: * (وهو العزيز الحكيم) * في موضع الحال ويفهم منه التعليل على المعنيين،