تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٠ - الصفحة ١٢٥
معه: وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ويكأن حرف واحد بجملته وهو بمعنى ألم تر.
* (لولا أن من علينا) * بعدم اعطائه تعالى ما تمنيناه من إعطائنا مثل ما أعطاه قارون * (لخسف بنا) * أي الأرض كما خسف به أو لولا أن من الله تعالى علينا بالتجاوز عن تقصيرنا في تمنينا ذلك لخسف بنا جزاء ذلك كما خسف به جزاء ما كان عليه. وقرأ الأعمش * (لولا من) * بحذف * (أن) * وهي مرادة، وروي عنه من الله برفع من والإضافة.
وقرأ الأكثر * (لخسف بنا) * على البناء للمفعول و * (بنا) * هو القائم مقام الفاعل، وجوز أن يكون ضمير المصدر أي لخسف هو أي الخسف بنا على معنى لفعل الخسف بنا، وقرأ ابن مسعود. وطلحة. والأعمش * (لا نخسف بنا) * على البناء للمفعول أيضا و * (بنا) * أو ضمير المصدر قائم مقام الفاعل، وعنه أيضا * (لتخسف) * بتاء وشد السين مبنيا للمفعول * (ويكأنه لا يفلح الك‍افرون) * لنعمة الله تعالى أو المكذبون برسله عليهم السلام وبما وعدوا من ثواب الآخرة، والكلام في - ويكأن - هنا كما تقدم بيد أنه جوز هنا أن يكون لأن على بعض الاحتمالات تعليلا لمحذوف بقرينة السياق أي لأنه لا يفلح الكافرون فعل ذلك أي الخسف بقارون، واعتبار نظيره فيما سبق دون اعتبار هذا هنا، وضمير ويكأنه للشأن.
هذا وفي مجمع البيان أن قصة قارون متصلة بقوله تعالى: * (نتلو عليك من نبأ موسى) * (القصص: 3) عليه السلام، وقيل: هي متصلة بقوله سبحانه: * (فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى) *، وقيل: لما تقدم خزى الكفاء وافتضاحهم يوم القيامة ذكر تعالى عقيبه أن قارون من جملتهم وأنه يفتضح يوم القيامة كما افتضح في الدنيا، ولما ذكر سبحانه فيما تقدم قول أهل العلم * (ثواب الله خير) * ذكر محل ذلك الثواب بقوله عز وجل:
* (تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا فى الارض ولا فسادا والع‍اقبة للمتقين) * * (تلك الدار الآخرة) * مشيرا إشارة تعظيم وتفخيم إلى ما نزل لشهرته منزلة المحسوس المشاهد كأنه قيل: تلك التي سمعت خبرها وبلغك وصفها، و * (الدار) * صفة لاسم الإشارة الواقع مبتدأ وهو يوصف بالجامد ولا حاجة إلى تقدير مضاف أي نعيم الدار كما يوهمه كلام البحر، و * (الآخرة) * صفة للدار، والمراد بها الجنة وخبر المبتدأ قوله تعالى: * (نجعلها للذين لا يريدون علوا غي الأرض) * أي غلبة وتسلطا * (ولا فسادا) * أي ظلما وعدوانا على العباد كدأب فرعون وقارون، وليس المصوول مخصوصا بهما، وفي إعادة * (لا) * إشارة إلى أن كلا من العلو والفساد مقصود بالنفي، وفي تعليق الموعد بترك ءرادتهما لا بترك أنفسهما مزيد تحذير منهما.
وأخرج عبد بن حميد. وابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قال: العلو في الأرض التكبر وطلب الشرف والمنلزة عند سلاطينها وملوكتها والفساد العمل بالمعاصي وأخذ المال بغير حقه.
وعن الكلبي العلو الاستكبار عن الإيمان والفساد الدعاء إلى عبادة غير الله تعالى، وروي عن مقاتل تفسير العلو بما روي عن الكلبي، وأخرج ابن مردويه. وابن عساكر عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبقال والبياع فيفتتح عليه القرآن ويقرأ تلك الدار الآخرة إلى آخرها، ويقول: نزلت هذه الآية * (تلك الدار الآخرة) * الخ، في أهل العدل والتواضع من الولاة وأهل القدرة من سائر الناس.
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»