وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات، وكان ذلك أول يوم في الأرض رؤيت المعصفرات فيه، وقيل غير ذلك من الكيفيات، وكان ذلك الخروج على ما قيل يوم السبت * (قال الذين يريدون الحياوة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون) * قيل كانوا جماعة من المؤمنين، وقالوا ذلك جريا على سنن الجبلة البشرية من الرغبة في السعة واليسار. وعن قتادة أنهم تمنوا ذلك ليتقربوا به إلى الله تعالى وينفقوه في سبيل الخير، ولعل إرادتهم الحياة الدنيا ليتوصلوا بها للآخرة لا لذاتها فإن إرادتها لذاتها ليست من شأن المؤمنين، وقيل: كانوا كفارا ومنافقين، وتمنيهم مثل ما أوتي دونه نفسه من باب الغبط ولا ضرر فيه على المشهور، وقيل: ضرره دون ضرر الحسد " فقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل يضر الغبط؟ فقال: لا إلا كما يضر العضاة الحبط " وفي الكشاف الظاهر أنه نفي للضرر على أبلغ وجه فإن الشجر ربما ينتفع بالخبظ فضلا عن التضرر، وفيه أنه قد يفضي إلى الضرر إشارة إلى متعلق الغبط من ديني أو دنيوي، وقائل ذلك إن كان الكفرة ففيه من ذم الحسد ما فيه * (إنه لذو حظ عظيم) * قال الضحاك: أي درجة عظيمة، وقيل نصيب كثير من الدنيا، والحظ البخت والسعد، ويقال: فلأن ذو حظ وحظيظ ومحظوظ، والجملة تعليل لتمنيهم وتأكيد له.
* (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن ءامن وعمل صالحا ولا يلقاهآ إلا الصابرون) * * (وقال الذين أوتوا العلم) * أي بأحوال الدنيا والآخرة كما ينبغي ومنهم يوشع عليه السلام، وإنما لم يوصفوا بإرادة ثواب الآخرة تنبيها على أن العلم بأحوال النشأتين يقتضي الأعراض عن الأولى والإقبال على الأخرى حتما، وأن تمنى المتمنين ليس إلا لعدم علمهم بهما كما يمنبغي.
وقيل المراد بالعلم: معرفة الثواب والعقاب، وقيل: معرفة التوكل، وقيل: معرفة الأخبار، وما تقدم أولى * (ويلكم) * دعاء بالهلاك بحسب الأصل ثم شاع استعماله في الرجز عما لا يرتضى، والمراد به هنا الزجر عنالتمني وهو منصوب على المصدرية لفعل من معناه * (ثواب الله) * في الآخرة * (خيرذ مما تتمنونه * (لمن آمن وعمل صالحا) * فلا يليق بكم أن تتمنوه غير مكتفين بثوابه عز وجل، هذا على القول بأن المتمنين كانوا مؤمنين أو فآمنوا لتفوزوا بثوابه تعالى الذي هو خير من ذلك، وتقدير المفضل عليه ما تتمنوه لاقتضاء المقام إياه، ويجوز أن يقدر عاما ويدخل فيه ما ذكر دخولا أوليا أي خير من الدنيا وما فيها * (ولا يلقااها) * أي هذه المقالة أو الكلمة التي تكلم بها العلماء، والمراد بها المعنى اللغوي أو الثواب، والتأنيث باعتبار أنه بمعنى المثوبة أو الجنة المفهومة من الثواب، وقيل: الإيمان والعمل الصالح، والتأنيث والإفراد باعتبار أنهما بمعنى السيرة أو الطريقة، ومعنى تلقيها إما فهمها أو التوفيق للعمل بها * (إلا الصابرون) * على الطاعات وعن المعاصي والشهوات، ولعل المراد بالصابرين على القول الأخير في مرجع الضمير المتصفون بالصبر في علم الله تعالى فتدبر، * (فخسفنا به وبداره الارض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) * * (فخسفنا به وبداره الأرض) *.
روى ابن أبي شيبة في المصنف. وابن المنذر. وابن أبي حاتم. والحاكم. وصححه. وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن قارون كان ابن عم موسى عليه السلام وكان يتبع العلم حتى جمع علما فلم يزل في ذلك حتى بغي على موسى عليه السلام وحسده، فقال موسى: إن الله تعالى أمرني أن آخذ الزكاة فأبى