استبعاده في نفسه بل بالنسبة إلى فرعون، وجعل بعضهم الواو للحال على معنى أن الجملة التي بعدها حال أي أتفعل في ذلك جائيا بشيء مبين وهو ظاهر كلام الكشاف هنا، وظاهر كلام الكشف أن الاستفهام للإنكار على معنى لا تقدر على فعل ذلك مع أنى نبي بالمعجزة، والظاهر تعلق هذا الكلام بالوعيد الصادر من اللعين فذلك في تفسيره إشارة إلى جعله عليه السلام من المسجونين فكأنه قال: أتجعلني من المسجونين إن اتخذت إلها غيرك ولو جئتك بشيء مبين؟
وعلى ذلك حمل الطيبي كلام الكشاف ثم قال: يمكن أن يقال إن الواو عاطفة وهي تستدعي معطوفا عليه وهو ما سبق في أول المكالمة بين نبي الله تعالى وعدوه، والهمزة مقحمة بين المعطوف والمعطوف عليه للتقرير، والمعنى أتقر بالوحدانية وبرسالتي إن جئتك بعد الاحتجاج بالبراهين القاهرة والمعجزات الباهرة الظاهرة.
و * (لو) * بمعنى أن عزيز، ويؤيد هذا التأويل ما في الاعراف * (قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني اسرائيل * قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين) * (الأعراف: 106).
وهو كما ترى. وفيه جعل * (مبين) * من أبان اللازم بمعنى بان، وجعله من أبان المتعدي وحذف المفعول كما أشرنا إليه أنسب للمقام، ولما سمع فرعون هذا الكلام من موسى عليه السلام:
* (قال فأت به إن كنت من الصادقين) * * (قال) * حيث طمع أن يجد موضع معارضة * (فأت به) * أي بشيء مبين * (إن كنت من الصادقين) * أي فيما يدل عليه كلامك من أنك تأتي بشيء موضح لصدق دعواك أو من الصادقين في دعوى الرسالة من رب العالمين، وجواب الشرط محذوف لدلالة ما قبله عليه أي ان كنت من الصادقين فأت به، وقدره الزمخشري أتيت به، والمشهور وتقديره من جنس الدليل.
وقال الحوفي: يجوز أن يكون ما تقدم هو الجواب وجاز تقديم الجواب لأن حذف الشرط لم يعمل في اللفظ شيئا، وقد بهت الزمخشري عامله الله تعالى بعدله أهل السنة بما هم منه برآء كما بينه صاحب الكشف وغيره فارجه إليه إن أردته.
* (فألقى عصاه فإذا هى ثعبان مبين) * * (فألقى) * موسى بعد أن قال له فرعون ذلك * (عصاه فإذا هي ثعبان مبين) * ظاهر ثعبانيته أي ليس بتمويه وتخييل كما يفعله السحرة، والثعبان أعظم ما يكون من الحيات واشتقاقه من ثعب الماء بمعنى جرى جريا متسعا، وسمي به لجريه بسرعة من غير رجل كأنه ماء سائل، والظاهر أن نفس العصا انقلبت ثعبانا وليس ذلك بمحال إذا كان بسلب الوصف الذي صارت به عصا وخلقه وصف الذي يصير ثعبانا بناء على رأي بعض المتكلمين من تجانس الجواهر واستوائها في قبول الصفات إنما المحال انقلابها ثعبانا مع كونها عصا لامتناع كون الشيء الواحد في الزمن الواحد عصا وثعبانا، وقيل: إن ذلك بخلق الثعبان بدلها وظواهر الآيات تبعد ذلك، وقد جاء في الأخبار ما يدل على مزيد عظم هذا الثعبان ولا يعجز الله تعالى شيء، وقد مر بيان كيفية الحال.
* (ونزع يده فإذا هى بيضآء للناظرين) * * (ونزع يده) * من جيبه * (فإذا هي بيضاء للناظرين) * أي بياضها يجتمع النظارة على النظر إليه لخروجه عن العادة، وكان بياضا نورانيا. روي أنه لما أبصر أمر العصا قال: هل لك غيرها؟ فأخرج عليه السلام يده فقال: ما هذه قال: يدي فأدخلها في أبطه ثم نزعها ولها شعاع يكاد يغشى الأبصار ويسد الأفق.
* (قال للملإ حوله إن هاذا لساحر عليم) * * (قال للملأ) * أشراف قومه * (حوله) * منصوب لفظا على الظرفية وهو ظرف مستقر وقع حالا أي مستقر ين حوله.
وجوز أن يكون في موضع الصفة للملأ على حد. ولقد أمر على اللئيم يسبني والأول أسهل وأنسب.