وقرأ أبو حيوة. وابن أبي عبلة * (لهاد) * بالتنوين.
* (ولا يزال الذين كفروا فى مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم) *.
* (ولا يزال الذين كفروا في مرية) * أي في شك * (منه) * أي من القرآن؛ وقيل: من الرسول، ويجوز أن يرجع الضمير إلى الموحى على ما سمعت و * (من) * على جميع ذلك ابتدائية، وجوز أن يرجع إلى ما ألقى الشيطان وأختير عليه أن من سببية فإن مرية الكفار فيما جاءت به الرسل عليهم السلام بسبب ما ألقى الشيطان في الموحى من الشبه والتخيلات فتأمل * (حتى تأتيهم الساعة) * أي القيامة نفسها كما يؤذن به قوله تعالى: * (بغتة) * أي فجأة فإنها الموصوفة بالاتيان كذلك، وقيل: أشراطها على حذف المضاف أو على التجوز.
وقيل: الموت على أن التعريف في * (الساعة) * للعهد * (أو يأتيهم عذاب يوم عقيم) * أي منفرد عن سائر الأيام لا مثل له في شدته أو لا يوم بعده كأن كل يوم يلد. ما بعده من الأيام فما لا يوم بعده يكون عقيما، والمراد به الساعة بمعنى يوم القيامة أيضا كأنه قيل أو يأتيهم عذابها فوضع ذلك موضع ضميرها لمزيد التهويل والتخويف.
و * (او) * في محلها لتغاير الساعة وعذابها وهي لمنع الخلو وكان المراد المبالغة في استمرارهم على المرية، وقيل: المراد بيوم عقيم يوم موتهم فإنه لا يوم بعده بالنسبة إليهم، وقيل: المراد به يوم حرب يقتلون فيه، ووصف بالعقيم لأن أولاد النساء يقتلون فيه فيصرن كأنهن عقم لم يلدن أو لأن المقاتلين يقال لهم أبناء الحرب فإذا قتلوا وصف يوم الحرب بالعقيم، وفيه على الأول مجاز في الإسناد ومجاز في المفرد من جعل الثكل عقما، وكذا على الثاني لأن الولود والعقيم هي الحرب على سبيل الاستعارة بالكناية فإذا وصف يوم الحرب بذلك كان مجازا في الإسناد، ومن ثم قيل: إنه مجاز موجه من قولهم ثوب موجه له وجهان، وقيل: هو الذي لا خير فيه يقال: ريح عقيم إذا لم تنشىء مطرا ولم تلقح شجرا، وفيه على هذا استعارة تبعية لأن ما في اليوم من الصفة المانعة من الخير جعل بمنزلة العقم، وخص غير واحد هذا اليوم بيوم بدر فإنه يوم حرب قتل فيه عتاة الكفرة ويوم لا خير فيه لهم، ويصح أيضا أن يكون وصفه بعقيم لتفرده بقتال الملائكة عليهم السلام فيه، وأنت تعلم أن الظاهر مما يأتي بعد إن شاء الله تعالى تعين تفسير هذا اليوم بيوم القيامة، هذا وجوز أن يراد من الشيطان شيطان الإنس كالنضر بن الحرث كان يلقي الشبه إلى قومه وإلى الوافدين يثبطهم بها عن الإسلام، وقيل: ضمير * (أمنيته) * للشيطان والمراد بها الصورة الحاصلة في النفس من تمني الشيء و * (في) * للسببية مثلها في قوله صلى الله عليه وسلم: " إن امرأة دخلت النار في هرة " أي ألقى الشيطان بسبب أمنيته الشبه وأبداها ليبطل بها الآيات.
وقيل: * (تمني) * قرأ و * (أمنيته) * قراءته والضميرء للنبي أو الرسول و * (في) * على ظاهرها، والمراد بما يلقى الشيطان ما يقع للقارىء من إبدال كلمة بكلمة أو حرف بحرف أو تغيير إعراب سهوا، وقيل: المراد ما يلقيه في الآيات المتشابهة من الاحتمالات التي ليست مرادا لله تعالى، وقيل: تمني هيأ وقدر في نفسه ما يهواه و * (أمنيته) * قراءته، والمعنى إذا تمنى إيمان قومه وهدايتهم ألقى الشيطان إلى أوليائه شبها فينسخ الله تعالى تلك الشبه ويحكم الآيات الدالة على دفعها، وقيل: * (تمني) * قدر في نفسه ما يهواه و * (أمنيته) * تشهيه وما يلقيه الشيطان ما يوجب اشتغاله في الدنيا، وجعله فتنة باعتبار ما يظهر منه من الاشتغال بأمور الدنيا، ونسخه إبطاله بعصمته عن الركون إليه والإرشاد إلى ما يزينه.