تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ١٧٢
شعرا وتارة أساطير الأولين.
وأصل السعي الإسراع في المشي ويطلق على الاصلاح والإفساد يقال: سعى في أمر فلان إذا أصلحه أو أفسده بسعيه فيه * (معاجزين) * أي مسابقين للمؤمنين؛ والمراد بمسابقتهم مشاقتهم لهم ومعارضتهم فكلما طلبوا إظهار الحق طلب هؤلاء إبطاله، وأصله من عاجزه فاعجزه وعجزه إذا سابقه فسبقه فإن كلا من المتسابقين يريد إعجاز الآخر عن اللحاق.
وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو. والجحدري. وأبو السالم. والزعفراني دمعجزين) * بالتشديد أي مثبطين الناس عن الإيمان. وقال أبو علي الفارسي: ناسبين المسلمين إلى العجز كما تقول: فسقت فلانا إذا نسبته إلى الفسق وهو المناسب لقوله تعالى: * (يستعجلونك بالعذاب) * وقرأ ابن الزبير * (معجزين) * بسكون العين وتخفيف الزاي من أعجزك إذا سبقك ففاتك، قال صاحب اللوامح: والمراد هنا ظانين أنهم يعجزوننا وذلك لظنهم أنهم لا يبعثون، وفسر * (معاجزين) * في قراءة الجمهور بمثل ذلك، والوصف على جميع القراءات حال من ضمير * (سعوا) * وليست مقدرة على شيء منها كما يظهر للمتأمل * (أولئك) * الموصوفون بما ذكر * (أصحاب الجحيم) * أي ملازمو النار الشديدة التأجج، وقيل هو اسم دركة من دركات النار.
* (ومآ أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى ألقى الشيط‍ان فىأمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيط‍ان ثم يحكم الله ءاي‍اته والله عليم حكيم) *.
* (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته) * " من " الأولى ابتدائية، والثانية مزيدة لاستغراق الجنس، والجملة المصدرة بإذا في موضع الحال عند أبي حيان، وقيل: في موضع الصفة وأفرد الضمير بتأويل كل واحد أو بتقدير جملة مثل الجملة المذكورة كما قيل في قوله تعالى: * (والله أحق أن يرضوه) * (التوبة: 62) والظاهر أن " إذا " شرطية ونص على ذلك الحوفي لكن قالوا: إن " إلا " في النفي إما أن يليها مضارع نحو ما زيد إلا يفعل وما رأيت زيدا إلا يفعل أو يليها ماض بشرط أن يتقدمه فعل كقوله تعالى: * (وما يأتيهم من رسول إلا كانوا) * (الحجر: 11) الخ أو " 2 " يكون الماضي مصحوبا بقد نحو ما زيد إلا قد قام، ويشكل عليه هذه الآية إذ لم يليها فيها مضارع ولا ماض بل جملة شرطية فإن صح ما قالوه احتيج إلى التأويل، وأول ذلك في البحر بأن " إذا " جردت للظرفية وقد فصل بها وبما أضيفت إليه بين إلا والفعل الماضي الذي هو " ألقى " وهو فصل جائز فتكون إلا قد وليها ماض في التقدير ووجد الشرط، وعطف " نبي " على " رسول " يدل على المغايرة بينهما وهو الشائع، ويدل على المغايرة أيضا ما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الأنبياء فقال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا قيل: فكن الرسل منهم؟ قال: ثلثمائة وثلاثة عشر جما غفيرا، وقد أخرج ذلك - كما قال السيوطي - أحمد. وابن راهويه في مسنديهما من حديث أبي أمامة، وأخرجه ابن حبان في صحيحه. والحاكم في مستدركه من حديث أبي ذر.
وزعم ابن الجوزي أنه موضوع وليس كذلك، نعم قيل في سنده ضعف جبر بالمتابعة؛ وجاء في رواية الرسل ثلثمائة وخمسة عشر، واختلفوا هنا في تفسير كل منهما فقيل: الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى بشرع جديد يدعو الناس إليه والنبي يعمه ومن بعثه لتقرير شرع سابق كانبياء بني إسرائيل الذين كانوا بين موسى وعيسى عليهم السلام، وقيل: الرسول ذكر حر بعثه الله تعالى إلى قوم بشرع جديد بالنسبة إليهم وإن لم يكن
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»