الجمع المنافية للتخصيص بعلى وحده رضي الله تعالى عنه، وعن الحسن. وأبي العالية هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم والأولى على هذا أن يجعل الموصول بدلا من قوله تعالى: * (من ينصره) * كما أعربه الزجاج، وكذا يقال على ما روى عن ابن عباس أنهم المهاجرون والأنصار والتابعون، وعلى ما روى عن أبي نجيح أنهم الولاة.
وأنت تعلم أن المقام لا يقتضي إلا الأول * (ولله) * خاصة * (عاقبة الأمور) * فإن مرجعها إلى حكمه تعالى وتقديره فقط، وفيه تأكيد للوعد بإعلاء كلمته وإظهار أوليائه * (وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود * وقوم إبراهيم وقوم لوط * وأصحابمدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير) *.
* (وأصحاب مدين) * تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصيغة المضارع في الشرط مع تحقق التكذيب لما أن المقصود تسليته عليه الصلاة والسلام عما يترتب على التكذيب من الحزن المتوقع أو للإشارة إلى أنه مما لا ينبغي تحققه وإلحاق * (كذب) * تاء التأنيث لأن الفاعل وهو * (قوم) * اسم جمع يحوز تذكيره وتأنيثه ولا حاجة لتأويله بالأمة أو القبيلة كما فعل أبو حيان ومن تبعه، وفي اختيار التأنيث حط لقدر المكذبين ومفعول كذب محذوف لكمال ظهور المراد.
وجوز أن يكون الفعل منزلا منزلة اللازم أي فعلت التكذيب واستغنى في عاد وثمود عن ذكر القوم لاشتهارهم بهذا الاسم الأخصر والأصل في التعبير العلم فلذا لم يقل قوم صالح وقوم هود ولا علم لغير هؤلاء، ولم يقل وقوم شعيب قيل لأن قومه المكذبين له عليه السلام هم هؤلاء دون أهل الأيكة لأنهم وإن أرسل عليه السلام إليهم فكذبوه أجنبيون، وتكذيب هؤلاء أيضا أسبق وأشد، والتخصيص لأن التسلية للنبي عليه الصلاة والسلام عن تكذيب قومه أي وإن يكذبك قومك فاعلم أنك لست بأوحدى في ذلك فقد كذبت قبل تكذيب قومك إياك قوم نوح الخ * (وكذب موسى) * المكذب له عليه السلام هم القبط وليسوا قومه بل قومه عليه السلام بنو إسرائيل ولم يكذبوه بإسرهم ولم يكذبوه بأسرهم ومن كذبه منهم تاب إلا اليسير وتكذيب اليسير من القوم كلا تكذيب ألا ترى أن تصديق اليسير من المذكورين قبل عد كلا تصديق ولهذا لم يقل وقوم موسى كما قيل: * (قوم نوح وقوم إبراهيم) * وأما أنه لم يقل والقبط بل أعيد الفعل مبنيا للمفعول فللإيذان بأن تكذيبهم له عليه الصلاة والسلام في غاية الشناعة لكون آياته في كمال الوضوح * (فأمليت للكافرين) * أي أمهلتهم حتى انصرمت حبال آجالهم. والفاء لترتيب إمهال كل فريق من فرق المكذبين على تكذيب ذلك الفريق لا لترتيب إمهال الكل على تكذيب الكل. ووضع الظاهر موضع المضمر العائد على المكذبين لذمهم بالكفر والتصريح بمكذبي موسى عليه السلام حيث لم يذكروا فيما قبل تصريحا * (ثم أخذتهم) * أي أخذت كل فريق من فريق المكذبين بعد انقضاء مدة إملائه وإمهاله. والأخذ كناية عن الإهلاك * (فكيف كان نكير) * أي إنكاري عليهم بتغيير ما هم عليه من الحياة والنعمة وعمارة البلاد وتبديله لضده فهو مصدر من نكرت عليه إذا فعلت فعلا يردعه بمعنى الإنكار كالنذير بمعنى الإنذار. وياء الضمير المضاف إليها محذوفة للفاصلة وأثبتها بعض القراء، والاستفهام للتعجب كأنه قيل فما أشد ما كان إنكاري عليهم، وفي الجملة إرهاب لقريش [بم وقوله تعالى:
* (فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد) *.
* (فكأين من قرية) * منصوب بمضمر يفسره قوله تعالى: * (أهلكناها) * أي فأهلكنا كثيرا من القرى أهلكناها، والجملة بدل من قوله