تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٨٤
تستعمل اسما فيقال: انصرفت من إليك كما يقال غدوت من عليه وخرج عليه من القرآن * (وعزي إليك) * وبه يندفع إشكال أبي حيان فيه انتهى.
وكان عليه أن يبين ما معناها على القول بالإسمية، ولعلها حينئذ بمعنى عند فقد صرح بمجيئها بهذا المعنى في القاموس وأنشد: أم لا سبيل إلى الشباب وذكره * أشهى إلى من الرحيق السلسل لكن لا يحلو هذا المعنى في الآية، ومثله ما قيل إنها في ذلك اسم فعل، ثم أن حكاية استعمالها اسما إذا صحت تقدح في قول أبي حيان: لا يمكن أن يدعي أن إلى تكون اسما لا جماع النحاة على حرفيتها. ولعله أراد اجماع من يعتد به منهم في نظره. والذي أميل إليه في دفع الاشكال أن الفعل مضمن معنى الميل والجار والمجرور متعلق به لا بالفعل الرافع للضمير وهو مغزى بعيد لا ينبغي أن يسارع إليه بالاعتراض على أن في القلب من عدم صحة نحو هذا التركيب للقاعدة المذكورة شيئا لكثرة مجيء ذلك في كلامهم. ومنه قوله تعالى: * (أمسك عليك زوجك) * والبيت المار آنفا. وقول الشاعر: دع عنك نهبا صيح في حجراته * ولكن حديثا ما حديث الرواعل وقولهم: اذهب إليك وسر عنك إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع. وتأويل جميع ما جاء لا يخلو عن تكلف فتأمل وأنصف، ثم الفعل هنا منزل منزلة اللازم كما في قول ذي الرمة: فإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها * إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلى فلذا عدى بالباء أي افعلي الهز * (بجذع النخلة) * فالباء للآلة كام في كتبت بالقلم. وقيل هو متعد والمفعول محذوف والكلام على تقدير مضاف أي هزي الثمرة بهز جذع النخلة ولا يخفى ما فيه من التكلف وأن هز الثمرة لايخلو من ركاكة، وعن المبرد أن مفعوله * (رطبا) * الآتي والكلام من باب التنازع. وتعقب بأن الهز على الرطب لا يقع إلا تبعا فجعله أصلا وجعل الأصل تبعا حيث أدخل عليه الباء للاستعانة غير ملائم مع ما فيه من الفصل بجواب الأمر بينه وبين مفعوله ويكون فيه أعمال الأول وهو ضعيف لا سيما في هذا المقام.
وما ذكر من التعكيس وارد على ما فيه التكلف وهو ظاهر، وما قيل من أن الهز وان وقع بالأصالة على الجذع لكن المقصود منه الثمرة فلهذه النكتة المناسبة جعلت أصلا لأن هز الثمرة ثمرة الهز لا يدفع الركاكة التي ذكرناها مع أن المفيد لذلك ما يذكر في جواب الأمر. وجعل بعضهم * (بجذع النخلة) * في موضع الحال على تقدير جعل المفعول * (رطبا) * أو الثمرة أي كائنة أو كائنا بجذع النخلة وفيه ثمرة ما لا تسمن ولا تغنى، وقيل الباء مزيدة للتأكيد مثلها في قوله تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * (البقرة: 195) وقول الشاعر: هن الحرائر لا ربات أخمرة * سود المحاجر لا يقرأن بالسور والوجه الصحيح الملائم لما عليه التنزيل من غرابة النظم كما في الكشف هو الأول، وقول الفراء: إنه يقال هزه وهز به إن أراد أنهما بمعنى كما هو الظاهر لا يلتفت إليه كما نص عليه بعض من يعول عليه * (تساقط) * من ساقطت بمعنى أسقطت، والضمير المؤنث للنخلة ورجوع الضمير للمضاف إليه شائع، ومن أنكره فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا.
وجوز أبو حيان أن يكون الضمير للجذع لاكتسابه التأنيث من المضاف إليه كما في قوله تعالى: * (تلتقطه
(٨٤)
مفاتيح البحث: القرآن الكريم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»