وعن الحسن أن الوعد الحسن الجنة التي وعدها من تمسك بدينه، وقيل: هو أن يسمعهم جل وعلا كلامه عز شأنه ولعل الأول أولى، ونصب * (وعدا) * يحتمل أن يكون على أنه مفعول ثان وهو بمعنى الموعود ويحتمل أن يكون على المصدرية والمفعول الثاني محذوف، والفاء في قوله تعالى: * (أفطال عليكم العهدذ للعطف على مقدر والهمزة لإنكار المعطوف ونفيه فقط، وجوز أن تكون الهمزة مقدمة من تأخير لصدارتها والعطف على لم * (يعدكم) * لأنه بمعنى قد وعدكم، واختار جمع الأول وأل في العهد له، والمراد زمان الإنجاز، وقيل: زمان المفارقة أي أوعدكم سبحانه ذلك فطال زمان الإنجاز أو زمان المفارقة للإتيان به * (أم أردتم أن يحل) * أي يجب * (عليكم غضب) * شديد لا يقادر قدره كائن * (من ربكم) * أي من مالك أمركم على الإطلاق. والمراد من إرادة ذلك فعل ما يكون مقتضيا له.
والفاء في قوله تعالى: * (فأخلفتم موعدي) * لترتيب ما بعدها على كل من الشقين، والموعد مصدر مضاف إلى مفعوله للقصد إلى زيادة تقبيح حالهم فإن اخلافهم الموعد الجاري فيما بينهم وبينه عليه السلام من حيث إضافته إليه عليه السلام أشنع منه من حيث إضافته إليهم، والمعنى أفطال عليكم الزمان فنسيتم بسبب ذلك فاخلفتم وعدكم إياي بالثبات على ديني إلى أن أرجع من الميقات نسيانا أو تعمدتم فعل ما يكون سببا لحلول غضب ربكم عليكم فاخلفتم وعدكم إياي بذلك عمدا، وحاصله أنسيتم فاخلفتم أو تعمدتم فاخلفتهم، ومنه يعلم التقابل بين الشقين.
وجوز المفضل أن يكون الموعد مصدرا مضافا إلى الفاعل واخلافه بمعنى وجدان الخلف فيه يقال: أخلف وعد زيد بمعنى وجد الخلف فيه، ونظيره أحمدت زيدا أي فوجدتم الخلف في موعدي إياكم بعد الأربعين، وفيه أنه لا يساعده السياق ولا السباق أصلا، وقيل. المصدر مضاف إلى المفعول إلا أن المراد منه وعدهم إياه عليه السلام باللحاق به والمجيء للطور على أثره وفيه ما فيه، واستدلت المعتزلة بالآية على أن الله عز وجل ليس خالقا للكفر وإلا لما قال سبحانه: * (وأضلهم السامري) * ولما كان لغضب موسى عليه السلام واسفه وجه ولا يخفى ما فيه.
* (قالوا مآ أخلفنا موعدك بملكنا ولاكنا حملنآ أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامرى) * * (قالوا ما أخلفنا موعدك) * أي وعدنا إياك الثبات على دينك، وإيثار على أن يقال موعدنا على إضافة المصدر إلى فاعله لما مر آنفا.
* (بملكنا) * بأن ملكنا أمرنا يعنون إنا ولو خلينا وأنفسنا ولم يسول لنا السامري ما سوله مع مساعدة بعض الأحوال لما أخلفناه. وقرأ بعض السبعة * (بملكنا) * الميم. وقرأ الاخوان. والحسن. والأعمش وطلحة. وابن أبي ليلى. وقعنب بضمها. وقرأ عمر رضي الله عنه * (بملكنا) * بفتح الميم واللام قال في البحر: أي بسلطاننا، واستظهر أن الملك بالضم والفتح والكسر بمعنى. وفرق أبو علي فقال: معنى المضمون أنه لم يكن لما ملك فنخلف موعدك بسلطانه وإنما أخلفناه بنظر أدى إليه ما فعل السامري، والكلام على حد قوله تعالى: * (لا يسألون الناس الحافا) * (البقرة: 273). لا تشتكي سقطة منها وقد رقصت * بها المفاوز حتى ظهرها حدب ومفتوح الميم مصدر ملك، والمعنى ما فعلنا ذلك بأن ملكنا الصواب ووفقنا له بل غلبتنا انفسنا ومكسور