وأصله الوقوع من علو كالجبل ثم استعمل في الهلاك للزومه له، وقيل: أي وقع في الهاوية وإليه ذهب الزجاج.
وفي بعض الآثار أن في جهنم قصرا يرمي الكافر من أعلاه فيهوى في جهنم أربعين خريفا قبل أن يبلغ الصلصال فذلك قوله تعالى: * (فقد هوى) * فيكون بمعناه الأصلي إذا أريد به فرد مخصوص منه لا بخصوصه.
وقرأ الكسائي * (فيحل) * بضم الحاء * (ومن يحلل) * بضم اللام الأولى وهي قراءة قتادة. وأبي حيوة والأعمش. وطلحة. ووافق ابن عبتبة في * (يحلل) * فضم، وفي الاقناع لأبي على الأهوازي قرأ ابن غزوان عن طلحة * (لا يحلن عليكم) * بنون مشددة وفتح اللام وكسر الحاء وهو من باب لا أرينك هنا، وفي " كتاب اللوامح " قرأ قتادة. وعبد الله بن مسلم بن يسار. وابن وثاب. والأعمش * (فيحل) * بضم الياء وكسر الحاء من الاحلال ففاعله ضمير الطغيان و * (غضبي) * مفعوله، وجوز أن يكون هو الفاعل والمفعول محذوف أي العذاب أو نحوه، ومعنى يحل مضموم الحاء ينزل من حل بالبلد إذا نزل كما في " الكشاف ". وفي المصباح حل العذاب يحل ويحل هذه وحدها بالكسر والضم والباقي بالكسر فقط، والغضب في البشر ثوران دم القلب عند إرادة الانتقام، وفي الحديث * (اتقوا الغضب فإنه جمرة توقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه) * وإذا وصف الله تعالى به لم يرد هذا المعنى قطعا وأريد معنى لاثق بشأنه عز شأنه، وقد يراد به الانتقام والعقوبة أو إرادتهما نعوذ بالله تعالى من ذلك، ووصف ذلك بالحلول حقيقة على بعض الاحتمالات ومجاز على بعض آخر، وفي الانتصاف أن وصفه بالحلو لا يتأتى على تقدير أن يراد به إرادة العقوبة ويكون ذلك بمنزلة قوله صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " على التأويل المعروف أوعبر عن حلول أثر الإرادة بحلولها تعبيرا عن الأثر بالمؤثر كما يقول الناظر إلى عجيب من مخلوقات الله تعالى: انظر إلى قدرة الله تعالى يعني أثر القدرة لا نفسها * (وإني لغفار) * كثير المغفرة * (لمن تاب) * من الشرك على ما روى عن ابن عباس، وقيل: منه ومن المعاصي التي من جملتها الطغيان فيما رزق * (وآمن) * بما يجب الايمان به. واقتصر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيما يروى عنه على ذكر الايمان بالله تعالى ولعله من باب الاقتصادر على الأشرف وإلا فالأفيد إرادة العموم مع ذكر التوبة من الشرك * (وعمل صالحا) * أي عملا مستقيما عند الشرع وهو بحسب الظاهر شامل للفرض والنسة، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير ذلك بإداء الفرائض * (ثم اهتدى) * أي لزم الهدى واستقام عليه إلى الموافاة وهو مروي عن الحبر.
والهدي يحتمل أن يراد به الايمان، وقد صرح بحانه بمدح المستقيمين على ذلك في قوله تعالى: * (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا) * (فصلت: 30).
وقال الزمخشري: الاهتداء هو الاستقامة والثبات على الهدى المذكور وهو التوبة والايمان والعمل الصالح وأيا ما كان فكلمة ثم إما للتراخي باعتبار الانتهاء لبعده عن أول الانتهاء أو للدلالة على بعد ما بين المرتبتين فإن المداومة أعلى وأعظم من الشروع كما قيل: لكل إلى شاو العلى وثبات * ولكن قليل في الرجال ثبات