تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٣
ما لم تحط به خبرا) * (الكهف: 67، 68) قيل: علم الخضر أن موسى عليه السلام أكرم الخلق على الله تعالى في زمانه وأنه ذو وحدة عظيمة ففزع من صحبته لئلا يقع منه معه ما لا يليق بشأنه.
وقال بعضهم: آيسة من نفسه لئلا يشغله صحبته عن صحبة الحق قال: * (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا) * (الكهف: 69) قال بعضهم: لو قال كما قال الذبيح عليه السلام: * (ستجدني إن شاء الله من الصابرين) * (الصافات: 102) لوفق للصبر كما وفق الذبيح، والفرق أن كلام الذبيح أظهر في الالتجاء وكسر النفس حيث علق بمشيئة الله تعالى وجد انه واحدا من جماعة متصفين بالصبر ولا كذلك كلام موسى عليه السلام * (فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها) * سلكا طريق السؤال الذي يتعلق بذل النفس في الطريقة وهو لا ينافي التوكل وكذا الكسب * (قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) * (الكهف: 77) كأنه عليه السلام أراد دفع ما أحوجهما إلى السؤال من أولئك اللئام وفيه نظر إلى الأسباب وهو من أحوال الكاملين كما مر في حكاية الحسن البصري وحبيب، ففي هذا إشارة إلى أنه أكمل من الخضر عليهما السلام * (قال هذا فراق بيني وبينك) * (الكهف: 78) أي حسبما أردت، وقال النصرابادي: لما علم الخضر بلوغ موسى إلى منتهى التأديب وقصور علمه عن علمه قال ذلك لئلا يسأله موسى بعد عن علم أو حال فيفتضح.
وقيل: خاف أن يسأله عن أسرار العلوم الربانية الصفاتية الذاتية فيعجز عن جوابه فقال ما قال * (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين مخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) * (الكهف: 80) قيل: كان حسن الوجه جدا وكان محبوبا في الغاية لوالديه فخشى فتنتهما به، والآية من المشكل ظاهرا لأنه إن كان قد قدر الله تعالى علهما الكفر فلا ينفعهما قتل الولد وإن لم يكن قدر سبحانه ذلك فلا يضرهما بقاؤه، وأجيب بأن المقدر بقاؤهما على الإيمان إن قتل وقتله ليبقيا على ذلك.
وقيل: إن المقدر قد يغير ولا يلزم من ذلك سوى التغير في تعلق صفتاه تعالى لا في الصفة نفسها ليلزم التغير فيه عز وجل، وقد تقدم الكلام في ذلك عند قوله تعالى: * (بمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * (الرعد: 39).
واستشكل أيضا بأن المحذور يزول بتوفيقه للإيمان فما الحاجة إلى القتل، وأجيب بأن الظاهر أنه غير مستعد لذلك فهو مناف للحكمة وكأن الخضر عليه السلام رأى فيما قال نوع مناقشة فتخلص من ذلك بقوله: * (وما فعلته عن أمري) * أي بل فعلته بأمر الله عز وجل ولا يسأل سبحانه عما أمر وفعل ولعل قوله لموسى عليه السلام ما قال حين نقر العصفور في البحر سد لباب المناقشة فيما أمر الله تعالى شأنه، ولعل علم مثل هذه المسائل من العلم الذي استأثر الله سبحانه به * (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) * (البقرة: 552) وأول بعضهم مجمع البحرين بمجمع ولاية الشيخ وولاية المريد والصخرة بالنفس والحوت بالقلب المملح بملح حب الدنيا وزينتها والسفينة بالشريعة وخرقها بهدم الناموس في الظاهر مع الصلاح في الباطن وإغراق أهلها بإيقاعهم في بحار الضلال والغلام بالنفس الأمارة وقتله بذبحه بسيف الرياضة والقرية بالجسد وأهلها بالقوى الإنسانية من الحواس واستطعامهم بطلب أفاعيلها التي تختص بها وإباء الضيافة بمنعها إعطاء خواصها كما ينبغي لكلالها وضعفها والجدار بالتعلق الحائل بين النفس الناطقة وعالم المجردات وإرادة الانقضاض بمشارفة قطع العلائق وإقامته بتقوية البدن والرفق بالقوى والحواس ومشيئة اتخاذ الأجر بمشيئة الصبر على شدة الرياضة لنيل الكشوف وإفاضة الأنوار والمساكين بالعوام والبحر الذي يعملون فيه ببحر الدنيا والملك بالشيطان والسفن التي يعضبها العبادات الخالية عن الإنكسار والذل والخشوع والأبوين المؤمنين بالقلب والروح والبدل الخير بالنفس المطمئنة والملهمة والكنز
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»