ابن المنذر عنه أنه سئل عن إبليس هل له زوجة؟ فقال: إن ذلك لعرس ما سمعت به، وأخرج ابن أبي الدنيا في المكائد. وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قال: ولد إبليس خمسة ثبر وهو صاحب المصائب والأعور وداسم لا أدري ما يعملان ومسوط وهو صاحب الصخب وزلبنور وهو الذي يفرق بين الناس ويبصر الرجل عيوب أهله.
وفي رواية أخرى عنه أن الأعور صاحب الزنا ومسوط صاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون لها أصلا وراسم صاحب البيوت إذا دخل الرجل بيته ولم يسم دخل معه وإذا أكل ولم يسم أكل معه وزلبنور صاحب الأسواق وكان هؤلاء الخمسة من خمس بيضات باضها اللعين، وقيل إنه عليه اللعنة يدخل ذنبه في دبره فيبيض فتنفلق البيضة عن جماعة من الشياطين. وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان أن جميع ذريته من خمس بيضات باضها قال: وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر والله تعالى أعلم بصحة هذه الأخبار، وقال بعضهم: لا ولد له، والمراد من الذرية الاتباع من الشياطين، وعبر عنهم بذلك مجازا تشبيها لهم بالأولاد، وقيل ولعله الحق إن له أولادا واتباعا، ويجوز أن يراد من الذرية مجموعهما معا على التغليب أو الجمع بين الحقيقة والمجاز عند من يراه أو عموم المجاز.
وقد جاء في بعض الأخبار أن ممن ينسب إليه بالولاد من آمن بنوح وإبراهيم وموسى وعيسى ونبينا صلى الله عليه وسلم وهو هامة رضي الله تعالى عنه وسبحان من يخرج الحي من الميت، ولا يلزمنا أن نعلم كيفية ولادته فكثير من الأشياء مجهول الكيفية عندنا ونقول به فليكن من هذا القبيل إذا صح الخبر فيه.
واستدل نافي ملكيته بظاهر الآية حيث أفادت أنه له ذرية والملائكة ليس لهم ذلك. ولمدعيها أن يقول: بعد تسليم حمل الذرية على الأولاد. إنه بعد أن عصى مسخ وخرج عن الملكية فصار له أولاد ولم تفد الآية أن له أولادا قبل العصيان والاستدلال بها لا يتم إلا بذلك، وقوله تعالى: * (من دوني) * في موضع الحال أي أفتتخذونهم أولياء مجاوزين عني إليهم وتستبدلونهم بي فتطيعونهم بدل طاعتي * (وهم) * أي والحال أن إبليس وذريته * (لكم عدو) * أي أعداء كما في قوله تعالى: * (فانهم عدو لي إلا رب العالمين) * (الشعراء: 77) وقوله تعالى: * (هم العدو) * وإنما فعل به ذلك تشبيها بالمصادر نحو القبول والولوع، وتقييد الاتخاذ بالجملة الحالية لتأكيد الإنكار وتشديده فإن مضمونها مانع من وقوع الاتخاذ ومناف له قطعا:
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى * عدوا له ما من صداقته بد * (بئس للظالمين) * الواضعين للشيء في غير موضعه * (بدلا) * أي من الله سبحانه، وهو نصب على التمييز وفاعل * (بئس) * ضمير مستتر يفسره هو والمخصوص بالذم محذوف أي بئس البدل من الله تعالى للظالمين إبليس وذريته، وفي الالتفات إلى الغيبة مع وضع الظالمين موضع ضمير المخاطبين من الإيذان بكمال السخط والإشارة إلى أن ما فعلوه ظلم قبيح ما لا يخفى.
* (مآ أشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا) * * (ما أشهدتهم) * استئناف مسوق لبيان عدم استحقاق إبليس وذريته للاتخاذ المذكر في أنفسهم بعد بيان الصوارف عن ذلك من خبائة الأصل والفسق والعداوة أي ما أحضرت إبليس وذريته.
* (خلق السماوات والأرض) * حيث خلقتهما قبل خلقهم * (ولا خلق أنفسهم) * أي ولا أشهدت بعضهم