وعزير. والملائكة عليهم السلام ونحوهم في الشركاء على القول الثاني.
وقال بعضهم: معنى كون الموبق أي المهلك أو المحبس بينهم أنه حاجز واقع في البين، وجعل ذلك بينهم حسما لأطماع الكفرة في أن يصل إليهم ممن دعوه للشفاعة. وجاء عن بعض من فسره بالوادي أنه يفرق الله تعالى به بين أهل الهدى وأهل الضلالة، وعلى هذا لا مانع من شمول المعنى الثاني للشركاء لأولئك الأجلة.
وقال الثعالبي في فقه اللغة: الموبق بمعنى البرزخ البعيد على أن وبق بمعنى هلك أيضا أي جعلنا بينهم أمدا بعيدا يهلك فيه الأشواط لفرط بعده، وعليه أيضا يجوز الشمول المذكور لأن أولئك الكرام عليهم السلام في أعلى الجنان وهؤلاء اللئام في قعر النيران، ولا يخفى على من له أدنى تأمل الحال فيما إذا أريد بالموبق العداوة.
و * (بينهم) * على جميع ما ذكر طرف وهو مفعول ثان لجعل إن جعل بمعنى صير و * (موبقا) * مفعوله الأول، وإن جعل بمعنى خلق كان الظرف متعلقا به أو بمحذوف وقع صفة لمفعوله قدم عليه لرعاية الفواصل فتحول حالا.
وقال الفراء. والسيرافي: البين هنا بمعنى الوصل فإنه يكون بمعناه كما يكون بمعنى الفراق وهو مفعول أول لجعلنا و * (موبقا) * بمعنى هلاكا مفعوله الثاني، والمعنى جعلنا تواصلهم في الدنيا هلاكا يوم القيامة.
* (ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا) * * (ورأى المجرمون النار) * وضع المظهر في مقام المضمر تصريحا بإجرامهم وذما لهم بذلك، والرؤية بصرية، وجاء عن أبي سعيد الخدري كما أخرجه عنه أحمد. وابن جرير. والحاكم وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكافر ليرى جهنم من مسير أربعين سنة * (فظنوا) * أي علموا كما أخرجه عبد الرزاق، وجماعة عن قتادة، وهو الظاهر من حالهم بعد قول الله تعالى ذلك واستغاثتهم بشركائهم وعدم استجابتهم لهم وجعل الموبق بينهم.
وقيل الظن على ظاهره وهم لم يتيقنوا * (أنهم مواقعوها) * أي مخالطوها واقعون فيها لعدم يأسهم من رحمة الله تعالى قبل دخولهم فيها، وقيل إنهم لما رأوها من بعيد كما سمعت في الحديث ظنوا أنها تخطفهم في الحال فإن اسم الفاعل موضوع للحال فالمتيقن أصل الدخول والمظنون الدخول حالا. وفي مصحف عبد الله * (ملاقوها) * وكذلك قرأ الأعمش. وابن غزوان عن طلحة، واختير جعلها تفسيرا لمخالفتها سواد المصحف، وعن علقمة أنه قرأ * (ملافوها) * بالفاء مشددة من لف الشيء * (ولم يجدوا عنها مصرفا) * أي مكانا ينصرفون إليه.
قال أبو كبير الهذلي: أزهير هل عن شيبة بن مصرف * أم لا خلود لباذل متكلف فهو اسم مكان، وجوز أن يكون اسم زمان، وكذا جوز أبو البقاء وتبعه غيره أن يكون مصدرا أي انصرافا، وفي " الدر المصون " أنه سهو فإنه جعل مفعل بكسر العين مصدرا من صحيح مضارعه يفعل بالكسر وقد نصوا على أن مصدره مفتوح العين لا غير واسم زمانه ومكانه مكسورها، نعم إن القول بأنه مصدر مقبول في قراءة زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما * (مصرفا) * بفتح الراء.
* (ولقد صرفنا فى هاذا القرءان للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شىء جدلا) * * (ولقد صرفنا) * كررنا وأوردنا على وجوه كثيرة من النظم * (في هذا القرءان) * الجليل الشأن * (للناس) * لمصلحتهم ومنفعتهم * (من كل مثل) * أي كل مثل على أن - من - سيف خطيب على رأي الأخفش والمجرور مفعول * (صرفنا) * أو مثلا من كل مثل على أن من أصلية والمفعول موصوف الجار والمجرور المحذوف، وقيل المفعول مضمون * (من كل مثل) * أي بعض كل