تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٥ - الصفحة ١٨٣
يا غلام أخرج ذلك الجراب فأخرجه فنفضه فإذا بيض مكسور بنصفين وجوز مكسور وفوم وحمص وعدس كلها حجارة هذا وظاهر بعض الأخبار يقتضي خلاف ذلك.
فقد أخرج أحمد. والبيهقي. والطبراني. والنسائي. وابن ماجه. والترمذي وقال حسن صحيح. والحاكم وقال صحيح لا نعرف له علة وخلق آخرون عن صفوان بن عسال " أن يهوديين قال: أحدهما لصاحبه انطلق بنا إلى هذا النبي نسأله فأتياه صلى الله عليه وسلم فسألاه عن قول الله تعالى: * (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) * فقال عليه الصلاة والسلام: لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله تعالى إلا بالحق ولا تسرقوا ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تمشوا ببريء إلى سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف ".
وفي رواية " أو قال لا تفروا من الزحف - شك شعبة - وعليكم يا يهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت فقبلا يديه ورجليه وقالا نشهد إنك نبي " الخبر، ومن هنا قيل المراد بالآيات الأحكام، وقال الشهاب الخفاجي: إنه التفسير الصحيح، ووجه إطلاقها عليها بأنها علامات على السعادة لمن امتثلها والشقاوة لغيره، وقيل أطلقت عليها لأنها نزلت في ضمن آيات بمعنى عبارات دالة على المعاني نحو آيات الكتاب فيكون من قبيل إطلاق الدال وإرادة المدلول، وقيل لا ضير أن يراد على ذلك بالآيات العبارات الإلهية الدالة على تلك الأحكام من حيث أنها دالة عليها، وفيه وكذا في سابقه القول بإطلاق الآيات على ما أنزل على غير نبينا صلى الله عليه وسلم من العبارات الإلهية كإطلاقها على ما أنزل عليه عليه الصلاة والسلام منها. واستشكل بأن الآيات في الرواية التي لا شك فيها عشرة وما في الآية المسؤول عنها تسع، وأجيب بأن الأخير فيها أعني لا تعتدوا في السبت ليس من الآيات لأن المراد بها أحكام عامة ثابتة في الشرائع كلها وهو ليس كذلك ولذا غير الأسلوب فيه فهو تذييل للكلام وتتميم له بالزيادة على ما سألوه صلى الله عليه وسلم، وفي " الكشف " أنه من الأسلوب الحكيم لأنه عليه الصلاة والسلام لما ذكر التسع العامة في كل شريعة ذكر خاصا بهم ليدل على إحاطة علمه صلى الله عليه وسلم بالكل وهو حسن وليس الأسلوب الحكيم فيه بالمعنى المشهور فإطلاق القول بأنه ليس من الأسلوب الحكيم كما فعل الخفاجي ليس في محله.
وقال بعض الآجلة: إن هذه الأشياء لا تعلق لها بفرعون وإنما أوتيها بنو إسرائيل ولعل جوابه صلى الله عليه وسلم بما ذكر لما أنه المهم للسائل وقبوله لما أنه كان في التوراة مسطورا وقد علم أنه ما علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة الوحي اه‍. وتعقب بأنا لا نسلم أنه يجب في الآيات المذكورة في الآية أن تكون مما له تعلق بفرعون وما بعد ليس نصا في ذلك نعم هو كالظاهر فيه لكن كثيرا ما تترك الظواهر للأخبار الصحيحة سلمنا أنه يجب أن يكون لها تعلق لكن لا نسلم أن تلك الأحكام لا تعلق لها لجواز أن يكون كلها أو بعضها مما خوطب به فرعون وبنو إسرائيل جميعا لا بد لنفي ذلك من دليل، وكأن حاصل ما أراد من قوله لعل جوابه صلى الله عليه وسلم الخ أن ذلك الجواب من الأسلوب الحكيم بأن يكون موسى عليه السلام قد أوتي تسع آيات بينات بمعنى المعجزات الواضحات وهي المرادة في الآية وأوتي تسعا أخرى بمعنى الأحكام وهي غير مرادة إلا أن الجواب وقع عنها لما ذكر وهو كما ترى فتأمل.
فمؤيدات كل من التفسيرين أعني تفسير الآيات بالأدلة والمعجزات وتفسيرها بالأحكام متعارضة وأقوى
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»