ما هو المشهور وقيل قال سبحانه * (أولياء) * مبالغة لأن الأولياء إذا لم تنفعهم فكيف الولي الواحد، وضمير * (لهم) * عائد على من باعتبار معناه كما أن * (هو) * عائد عليه باعتبار لفظه فلذا أفرد الضمير تارة وجمع أخرى.
وفي إيثار الأفراد والجمع فيما أوثرا فيه تلويح بوحدة طريق الحق وقلة سالكيه وتعدد سبل الضلال وكثرة الضلال، وذكر أبو حيان وتبعه بعضهم أن الجملة الثانية من المواضع التي جاء فيها الحمل على المعنى ابتداء من غير أن يتقدمه الحمل على اللفظ وهي قليلة في القرآن. وتعقب ذلك الخفاجي بأنه لا وجه له فإنه حمل فيها الضمير على اللفظ أولا إذ في قوله تعالى: * (يضلل) * ضمي محذوف مفرد إذ تقديره يضلله على الأصل وهو راجع إلى لفظ من فلا يقال إنه لم يتقدمه حمل على اللفظ ثم قال: وأغرب من ذلك ما قيل إنه قد يقال إن الحمل على اللفظ قد تقدمه في قوله سبحانه * (من يهد الله) * وإن كان في جملة أخرى اه. وفيه أن وجهه جعل أبي حيان من مفعول * (يضلل) * كما نص عليه في البحر وكذا نص على أنها في الجملة الأولى مفعول * (يهد) * وحيئنذ ليس هناك ضمير مفرد محذوف كما لا يخفي فتفطن، وجوز كون الجملتين داخلتين في حيز * (قل) * لمجيء ومن بالواو، وقوله تعالى: * (ونحشرهم) * أوفق بالأول وفيه التفات من الغيبة إلى التكلم للإيدان بكمال الاعتناء بأمر الحشر، وعلى الاحتمال الثاني يجعل حكاية لما قاله الله تعالى له عليه الصلاة والسلام * (يوم القيامة) * حين يقومون من قبولهم * (على وجوههم في موضع الحال من الضمير المنصوب أي كائنين عليها إما مشيئا بأن يزحفون منكبين عليها ويشهد له ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن أنس قال: قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على جوههم؟ قال الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، والمراد كيف يحشر هذا الجنس على الوجه لأن ذلك خاص بالكفار وغيرهم يحشر على وجه آخر.
فقد أخرج أبو داود. والترمذي وحسنه وابن جرير وغيرهم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف صنف كمشاة أي على العادة وصنف ركبان وصنف على وجوههم قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك، وإما سحبا بأن تجرهم الملائكة منكبين عليها كقوله تعالى * (يوم يسحبون في النار على وجوههم) * (القمر: 48) ويشهد له ما أخرجه أحمد. والنسائي. والحاكم وصححه عن أبي ذر أنه تلا هذه الآية * (ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم) * (الإسراء: 97) الخ فقال: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم أن الناس يحشرون يوم القيامة على ثلاثة أفواج فوج طاعمين كاسين راكبين وفوج يمشون ويسعون وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وأخرج أحمد. والنسائي. والترمذي وحسنه عن معاوية بن حيدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم تحشرون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم " وليطلب وجه الجمع فإن لم يوجد فالمعول عليه ما شهد له حديث الشيخين، ولا تعين الآية أعني قوله تعالى: * (يوم يسحبون في النار على وجوههم) * (القمر: 48) الثاني لأن القرآن يفسر بعضه بعضا لأنها في حالهم بعد دخول النار وما هنا في حالهم قبل فتغايرا، وزعم بعضهم أن الكلام على المجاز وذلك كما يقال للمنصرف عن أمر خائبا مهموما انصرف على وجهه فالمراد ونحشرهم يوم القيامة مهمومين خائبين، وكأن الداعي لهذا الارتكاب أنه قد روى عن ابن عباس حمل الأحوال الآتية على المجاز وحينئذ تكون جميع الأحوال على طرز واحد ولا يخفى عليك فإياك أن تلتفت إلى تأويل نطقت