تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١٠٢
حتى احتوى (بيتك) المهيمن من * خندف علياء تحتها النطف ثم خصوا الشرف بالشرف النسبي وإلا فالبيت بمعنى النسب مما لم يشع عند اللغويين، ولعل الذي دعاهم لذلك بغضهم لعائشة رضي الله تعالى عنها فراموا إخراجها من حكم * (يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *، وسيأتي إن شاء الله تعالى تفصيل الكلام في هذا المقام، واستدل بالآية على كراهة الزيادة في التحية على السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وروي ذلك عن غير واحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
أخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلا قال له: سلام عليك ورحمة الله وبركاته ومغفرته فانتهره ابن عمر وقال: حسبك ما قال الله تعالى، وأخرج عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة فقال: السلام عليكم أهل البيت ما قال الله تعالى، وأخرج عن ابن عباس أن سائلا قام على الباب وهو عند ميمونة فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته وصلواته ومغفرته، فقال: انتهوا بالتحية إلى ما قال الله سبحانه، وفي رواية عن عطاء قال: كنت جالسا عند ابن عباس فجاء سائل فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفته ورضوانه فقال: ما هذا السلام؟! وغضب حتى احمرت وجنتاه إن الله تعالى حد للسلام حدا ثم انتهى ونهى عما وراء ذلك ثم قرأ * (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت) * * (إنه حميد) * قال أبو الهيثم: أي تحمد أفعاله، وفي الكشاف أي فاعل ما يستوجب به الحمد من عباده ففعيل بمعنى مفعول، وجوز الراغب أن يكون * (حميد) * هنا بمعنى حامد ولعل الأول أولى * (مجيد) * أي كثير الخير والإحسان، وقال ابن الأعرابي: هو الرفيع يقال: مجد كنصر وكرم مجدا ومجادة أي كرم وشرف؛ وأصله من مجدت الابل إذا وقعت في مرعى كثير واسعد، وقد أمجدها الراعي إذا أوقعها في ذلك، وقال الأصمعي: يقال: أمجدت الدابة إذا أكثرت علفها، وقال الليث: أمجد فلان عطاءه ومجده إذا كثره، ومن ذلك قول أبي حية النميري:
تزيد على صواحبها وليست * (بما جدة) الطعام ولا الشراب أي ليست بكثيرة الطعام ولا الشراب، ومن أمثالهم في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفا رأي استكثر من ذلك، وقال الراغب: أي تحري السعة في بذل الفضل المختص به، وقال ابن عطية: مجد الشيء إذا حسنت أوصافه، والجملة على ما في الكشف تذييل حسن لبيان أن مقتضى حالها أن تحمد مستوجب الحمد المحسن إليها بما أحسن وتمجده إذ شرفها بما شرف، وقيل: هي تعليل لما سبق من قوله سبحانه: * (رحمة الله وبركاته عليكم) *.
* (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجآءته البشرى يج‍ادلنا فى قوم لوط) * * (فلما ذهب عن إبراهيم الروع) * أي الخوف والفزع، قال الشاعر: إذا أخذتها هزة (الروع) أمسكت * بمنكب مقدام على الهول أروعا والفعل راع، ويتعدى بنفسه كما في قوله: (ما راعني) إلا حمولة أهلها * وسط الديار تسف حب الخمخم والروع بضم الراء النفس وهي محل الروع، والفاء لربط بعض أحوال إبراهيم عليه السلام ببعض غب انفصالها بما ليس بأجنبي من كل وجه بل له مدخل في السياق والسباق، وتأخر الفاعل عن الظرف لكونه مصب الفائدة، والمعنى لما زال عنه ما كان أوجسه منهم من الخيفة وأطمأنت نفسه بالوقوف على جلية أمرهم * (وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط) * أي يجادل رسلنا في حالهم وشأنهم، ففيه مجاز في الإسناد، وكانت مجادلته عليه السلام لهم ما قصه الله سبحانه في قوله سبحانه في سورة العنكبوت: * (ولما جاءت رسلنا إبراهيم
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»