بنزولها لأنه سبب لزيادة كمالهم ورفع درجاتهم بل هو لعمري أجدى من تفاريق العصا.
* (وأما الذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) * * (وأما الذين في قلوبهم مرض) * أي نفاق * (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) * أي نفاقا مضموما إلى نفاقهم فالزيادة متضمنة معنى الضم ولذا عديت بإلى، وقيل: إلى بمعنى مع ولا حاجة إليه * (وماتوا وهم كافرون) * واستحكم ذلك فيهم إلى أن يموتوا عليه.
* (أولا يرون أنهم يفتنون فى كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون) * * (أولا يرون) * يعني المنافقين، والهمزة للإنكار والتوبيخ، والكلام في العطف شهير. وقرأ حمزة. ويعقوب. وأبي بن كعب بالتاء الفوقانية على أن الخطاب للمؤمنين والهمزة للتعجيب أي أولا يعلمون وقيل أولا يبصرون * (أنهم) * أي المنافقين * (يفتنون في كل عام) * من الأعوام * (مرة أو مرتين) * بأفانين البليات من المرض والشدة مما يذكر الذنوب والوقوف بين يدي علام الغيوب فيؤدي إلى الإيمان به تعالى والكف عما هم عليه، وفي الخبر " إذا مرض العبد ثم عوفي ولم يزدد خيرا قالت الملائكة: هو الذي داويناه فلم ينفعه الدواء " فالفتنة هنا بمعنى البلية والعذاب، وقيل: هي بمعنى الاختبار، والمعنى أولا يرون أنهم يختبرون بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعاينون ما ينزل عليه من الآيات لا سيما الآيات الناعية عليهم قبائحهم * (ثم لا يتوبون) * عما هم فيه * (ولا هم يذكرون) * ولا يعتبرون.
والجملة على قراءة الجمهور عطف على * (يرون) * داخل تحت الإنكار والتوبيخ، وعلى القراءة الأخرى عطف على * (يفتنون) * والمراد من المرة والمرتين على ما صرح به بعضهم مجرد التكثير لا بيان الوقوع على حسب العدد المزبور. وقرأ عبد الله * (أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين وما يتذكرون) *.
* (وإذا مآ أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون) * * (وإذا ما أنزلت سورة) * بيان لأحوالهم عند نزولها وهم في محفل تبليغ الوحي كما أن الأول بيان لمقالاتهم وهم غائبون عنه * (نظر بعضهم إلى بعض) * ليتواطؤا على الهرب كراهة سماعها قائلين إشارة: * (هل يراكم من أحد) * أي هل يراكم أحد من المسلمين إذا قمتم من المجس أو تغامزوا بالعيون إنكارا وسخرية بها قائلين هل يراكم أحد لننصرف مظهرين أنهم لا يصطبرون على استماعها ويغلب عليهم الضحك فيفتضحون، والسورة على هذا مطلقة، وقيل: إن نظر بعضهم إلى بعض وتغامزهم كان غيظا لما في السورة من مخازيهم وبيان قبائحهم، فالمراد بالسورة سورة مشتملة على ذلك، والإطلاق هو الظاهر، وأيا ما كان فلا بد من تقدير القول قبل الاستفهام ليرتبط الكلام، فإن قدر اسما كان نصبا على الحال كما أشرنا إليه، وإن قدر فعلا كانت الجملة في موضع الحال أيضا، ويجوز جعلها مستأنفة، وإيراد ضمير الخطاب لبعث المخاطبين على الحزم فإن المرء بشأنه أكثر اهتماما منه في شأن أصحابه كما في قوله تعالى: * (وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا) * (الكهف: 19) * (ثم انصرفوا) * عطف على * (نظر بعضهم) * والتراخي باعتبار وجود الفرصة والوقوف على عدم رؤية أحد من المؤمنين، أي ثم انصرفوا جميعا عن محفل الوحي لعدم تحملهم سماع ذلك لشدة كراهتهم أو مخافة الفضيحة بغلبة الضحك أو الاطلاع على تغامزهم. أو انصرفوا عن المجلس بسبب الغيظ، وقيل: المراد انصرافهم عن الهداية والأول أظهر.
* (صرف الله قلوبهم) * عن الإيمان حسب انصرافهم عن ذلك المجلس، والجملة تحتمل الإخبار والدعاء، واختار الثاني أبو مسلم. وغيره من المعتزلة، ودعاؤه تعالى على عباده وعيد لهم وإعلام بلحوق العذاب بهم؛ وقوله سبحانه: