من الاعتقاد والعمل والتبليغ * (ما يوحى إليك) * على نهج التجدد والاستمرار، والتعبير عن بلوغ الحق المفسر بالقرآن إليهم بالمجيء وإليه صلى الله عليه وسلم بالوحي تنبيه على ما بين المرتبتين من التنافي، وإذا أريد من الحق ما قيل فالأمر ظاهر جدا * (واصبر) * على ما يعتريك من مشاق التبليغ وأذى من ضل * (حتى يحكم الله) * بالنصرة عليه أو بالأمر بالقتال * (وهو خير الحاكمين) * إذ لا يمكن الخطأ في حكمه تعالى لاطلاعه على السرائر كاطلاعه على الظواهر، وغيره جل شأنه من الحاكمين إنما يطلع على الظواهر فيقع الخطأ في حكمه، ولا يخفى ما في هذه الآيات من الموعظة الحسنة وتسلية النبي صلى الله عليه وسلم ووعد للمؤمنين والوعيد للكافرين والحمد لله تعالى رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين الذي يؤنس ذكره قلوب الموحدين وعلى آله وصحبه أجمعين.
سورة هود كما أخرج ذلك ابن النحاس في تاريخه، وأبو الشيخ. وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما ولم يستثنيا منها شيئا وإلى ذلك ذهب الجمهور، واستثنى بعضهم منها ثلاث آيات * (فعلك تارك) * (هود: 12). * (أفمن كان على بينة من ربه) * * (أقم الصلاة طرفي النهار) * (هود: 114) وروى استثناء الثالثة عن قتادة، قال الجلال السيوطي: ودليله ما صح من عدة طرق أنها نزلت بالمدينة في حق أبي اليسر، وهي كما قال الداني في كتاب العدد مائة واحدى وعشرون آية في المدني الأخير واثنتان في المدني الأول وثلاث في الكوفي، ووجه اتصالها بسورة يونس عليه السلام أنه ذكر في سورة يونس قصة نوح عليه السلام مختصرة جدا مجملة فشرحت في هذه السورة وبسطت فيها ما لم تبسط في غيرها من السور ولا سورة الاعراف على طولها ولا سورة * (إنا أرسلنا نوحا) * (نوح: 1) التي أفردت لقصته فكانت هذه السورة شرحا لما أجمل في تلك السورة وبسطا له ثم أن مطلعها شديد الارتباط بمطلع تلك فإن قوله تعالى هنا: * (الر كتاب أحكمت آياته) * (هود: 1) نظير قوله سبحانه هناك: * (الر تلك آيات الكتاب الحكيم) * (يونس: 1) بل بين مطلع هذه وختام تلك شدة ارتباط أيضا حيث ختمت بنفي الشرك واتباع الوحي وافتتحت هذه ببيان الوحي والتحذير من الشرك، وورد في فضلها ما ورد، فقد أخرج الدارمي. وأبو داود في مراسيله. والبيهقي في شعب الإيمان. وغيرهم عن كعب قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأوا هودا يوم الجمعة ". وأخرج الترمذي وحسنه. وابن المنذر. والحاكم وصححه. والبيهقي في البعث والنشور من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: " قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه: يا رسول الله قد شبت قال: شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت ". وأخرج ابن عساكر من طريق يزيد الرقاشي عن أنس عن الصديق رضي الله تعالى عنه أنه قال: " يا رسول الله أسرع إليك الشيب قال: أجل شيبتنب سورة هود واخواتها الواقعة والقارعة والحاقة وإذا الشمس كورت وسأل سائل ".
وقد جاء في بعض الروايات أيضا أن عمر رضي الله تعالى عنه عنه قال له عليه الصلاة والسلام: أسرع إليك الشيب يا رسول الله فأجابه بنحو ما ذكر إلا أنه ذكر من الأخوات الواقعة. وعم. وإذا الشمس كورت، وفي رواية أخرى عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت يا رسول الله لقد شبت فقال: شيبتني هود والواقعة إلى