على ذلك لأنه إن لم يقتض حمل الظلم على أعظم أفراده وهو الشرك فلا أقل من أنه يقتضي حمله على ما يدخل ذلك فيه دخولا أوليا، والظاهر أن جملة * (قضى) * مستأنفة، وجوز أن تكون معطوفة على جملة * (رأوا) * فتكون داخلة في حيز لما.
* (ألاإن لله ما فى السماوات والارض ألا إن وعد الله حق ولاكن أكثرهم لا يعلمون) * * (ألا إن لله ما في السموات والأرض) * أي إن له سبحانه لا لغيره تعالى ما وجد في هذه الأجرام العظيمة داخلا في حقيقتها أو خارجا عنها متمكنا فيها، وكلمة * (ما) * لتغليب غير العقلاء على العقلاء، وهو تذييل لما سبق وتأكيد واستدلال عليه بأن من يملك جميع الكائنات وله التصرف فيها قادر على ما ذكر وقيل: إنه متصل بقوله سبحانه: * (ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به) * (يونس: 54) كأنه بيان لعقدهم ما يفتدون به وعدم ملكهم شيئا حيث أفاد أن جميع ما في السموات والأرض ملكه لا ملك لأحد فيه سواه جل وعلا وليس بشيء وإن ذكره بعض الأجلة واقتصر عليه * (ألا إن وعد الله) * أي جميع ما وعد به كائنا ما كان فيندرج فيه العذاب الذي استعجلوه وما ذكر في أثناء بيان حاله اندراجا أوليا، فالمصدر بمعنى اسم المفعول، ويجوز أن يكون باقيا على معناه المصدري أي وعده سبحانه بجميع ما ذكر * (حق) * أي ثابت واقع لا محالة أو مطابق للواقع، والظاهر أن حمل الوعد على العموم بحيث يندرج فيه العذاب المذكور والعقاب للعصاة أو الوعد بهما يستدعي اعتبار التغليب في الكلام، وبعضهم حمل الوعد على ما وعد به صلى الله عليه وسلم من نصره وعقاب من لم يتبعه وقال: إن اعتبار التغليب توهم وليس بالمتعين، وإظهار الاسم الجليل لتفخيم شأن الوعد والإشعار بعلة الحكم، وتصدير الجملتين بحرفي التنبيه والتحقيق للتسجيل على تحقق مضمونها المقرر لمضمون ما سلف من الآيات الكريمة والتنبيه على وجوب استحضاره والمحافظة عليه.
وذكر الإمام في توجيه ذكر أداة التنبيه في الجملة الأولى أن أهل هذا العالم مشغولون بالنظر إلى الأسباب الظاهرة فيضيفون الأشياء إلى ملاكها الظاهرة المجازية ويقولون مثلا الدار لزيد والغلام لعمرو والسلطنة للخليفة والتصرف للوزير فكانوا مستغرقين في نوم الجهل والغفلة حيث يظنون صحة تلك الإضافات فلذلك زادهم سبحانه بقوله عز اسمه: * (ألا إن لله) * الخ، واستناد جميع ذلك إليه جل شأنه بالمملوكية لما ثبت من وجوب وجوده لذاته سبحانه وأن جميع ما سواه ممكن لذاته وأن الممكن لذاته مستند إلى الواجب لذاته إما ابتداء أو بواسطة وذلك يقتضي أن الكل مملوك له تعالى، والكلام في ذكر الأداة في الجملة الثانية على هذا النمط لا يخلو عن تكلف، والحق ما أشرنا إليه في وجه التصدير، ووجه اتصال هذه الجملة بما تقدم ظاهر مما قررنا وللطبرسي في توجيه ذلك كلام ليس بشيء * (ولاكن أكثرهم) * لسواء استعداداتهم وقصور عقولهم واستيلاء الغفلة عليهم * (لا يعلمون) * فيقولون ما يقولون ويفعلون ما يفعلون.
* (هو يحى ويميت وإليه ترجعون) * * (هو يحي ويميت) * في الدنيا من غير دخل لأحد في ذلك، وهذا على ما يفهم من كلام البعض استدلال على البعث والنشور على معنى أنه تعالى يفعل الإحياء والإماتة في الدنيا فهو قادر عليهما في العقبى لأن القادر لذاته لا تزول قدرته والمادة القابلة بالذات للحياة والموت قابلة لهما أبدا، ولا يخفى أن ذكر القدرة على الإماتة استطرادي لا دخل له في الاستدلال على ذلك، والظاهر عندي أنه كالذي قبله تذييل لما سبق * (وإليه ترجعون) * في الآخرة بالبعث والحشر.
* (ياأيها الناس قد جآءتكم موعظة من ربكم وشفآء لما فى الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) * * (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين) * التفات ورجوع إلى