عساكر عن سفيان بن عيينة قال: عاتب الله سبحانه المسلمين جميعا في نبيه صلى الله عليه وسلم غير أبي بكر وحده فانه خرج من المعاتبة ثم قرأ * (إلا تنصروه) * الآية، بل أخرج الحكيم الترمذي عن الحسن قال: عاتب الله تعالى جميع أهل الأرض غير أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال: * (إلا تنصروه) * الخ.
وأخرج ابن عساكر عن علي كرم الله تعالى وجهه بلفظ إن الله تعالى ذم الناس كلهم ومدح أبا بكر رضي الله تعالى عنه فقال: * (الا تنصروه) * الخ، وفيها النص على صحبته رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يثبت ذلك لأحد من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام سواه، وكونه المراد من الصاحب مما وقع عليه الإجماع ككون المراد من العبد في قوله تعالى: * (سبحان الذي أسري بعبده) * (الإسراء: 1) رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن هنا قالوا: إن إنكار صحبته كفر، مع ما تضمنته من تسلية النبي عليه الصلاة والسلام له بقوله: * (لا تحزن) * وتعليل ذلك بمعية الله سبحانه الخاصة المفادة بقوله: * (إن الله معنا) * ولم يثبت مثل ذلك في غيره بل لم يثبت نبي معية الله سبحانه له ولآخر من أصحابه وكأن في ذلك إشارة إلى أنه ليس فيهم كأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي انزال السكينة عليه بناء على عود الضمير إليه ما يفيد السكينة في أنه هو - هو - رضي الله تعالى عنه ولعن باغضيه، وكذا في انزالها على الرسول عليه الصلاة والسلام مع أن المنزعج صاحبه ما يرشد المنصف إلى أنهما كالشخص الواحد، وأظهر من ذلك إشارة ما ذكر إلى أن الحزن كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ويشهد لذلك ما مر في حديث الشيخين. وأنكر الرافضة دلالة الآية على شيء من الفضل في حق الصديق رضي الله تعالى عنه قالوا: إن الدال على الفضل إن كان * (ثاني اثنين) * فليس فيه أكثر من كون أبي بكر متما للعدد، وإن كان * (إذ هما في الغار) * فلا يدل على أكثر من اجتماع شخصين في مكان وكثيرا ما يجتمع فيه الصالح والطالح، وإن كان * (لصاحبه) * فالصحبة تكون بين المؤمن والكافر كما في قوله تعالى: * (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك) * (الكهف: 37) وقوله سبحانه: * (وما صاحبكم بمجنون) * (التكوير: 22) و * (يا صاحبي السجن) * (يوسف: 39) بل قد تكون بين من يعقل وغيره كقوله: إن الحمار مع الحمير مطية * وإذا خلوت به فبئس الصاحب وإن كان * (لا تحزن) * فيقال: لا يخلو إما أن يكون الحزن طاعة أو معصية لا جائز أن يكون طاعة وإلا لما نهى عنه صلى الله عليه وسلم فتعين أن يكون معصية لمكان النهي وذلك مثبت خلاف مقصودكم على أن فيه من الدلالة على الجبن ما فيه، وإن كان * (إن الله معنا) * فيحتمل أن يكون المراد إثبات معية الله تعالى الخاصة له صلى الله عليه وسلم وحده لكن أتى - بنا - سد الباب الايحاش، ونظير ذلك الإتيان بأوفى قوله: * (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) * (سبأ: 24) وإن كان * (فأنزل الله سكينته عليه) * فالضمير فيه للنبي صلى الله عليه وسلم لئلا يلزم تفكيك الضمائر، وحينئذ يكون في تخصيصه عليه الصلاة والسلام بالسكينة هنا مع عدم التخصيص في قوله سبحانه: * (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) * (الفتح: 26) إشارة إلى ضد ما ادعيتموه، وإن كان ما دلت عليه الآية من خروجه مع رسول الله صلى الله عليه وسلمفي ذلك الوقت فهو عليه الصلاة والسلام لم يخرجه معه الا حذرا من كيده لو بقي مع المشركين بمكة، وفي كون المجهز لهم بشراء الإبل عليا كرم الله تعالى وجهه إشارة لذلك، وإن كان شيئا وراء ذلك فبينوه لنتكلم عليه انتهى كلامهم.
ولعمري انه أشبه شيء بهذيان المحموم أو عربدة السكران ولولا ان الله سبحانه حكى في كتابه الجليل عن اخوانهم اليهود والنصارى ما هو مثل ذلك ورده رحمة بضعفاء المؤمنين ما كنا نفتح في رده فما أو نجري