تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٠ - الصفحة ٣٧
وجهي هذا فإن حدث بي حدث فهو لك ولعبد الله وعبيد الله وقثم فقلت: وما يدريك فقال صلى الله عليه وسلم: أخبرني ربي فعند ذلك قال العباس: أشهد أنك صادق وأن لا إله إلا الله وأنك رسول الله إنه لم يطلع على ذلك أحد إلا الله تعالى ولقد دفعته إليها في سواد الليل "، وروى عنه رضي الله تعالى عنه أنه قال بعد حين: أبدلني الله خيرا من ذلك لي الآن عشرون عبدا إن أدناهم ليضرب في عشرين ألفا وأعطاني زمزم وما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة وأنا أنتظر المغفرة من ربكم بتأويل ما في قوله تعالى: * (ويغفر لكم والله غفور رحيم) * فإنه وعد بالمغفرة مؤكد بالاعتراض التذييلي، وروي أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مال البحرين ثمانون ألفا فتوضأ صلى الله عليه وسلم وما صلى حتى فرقه وأمر العباس أن يأخذ منه فأخذ ما قدر على حمله، وكان رضي الله تعالى عنه يقول: هذا خير مما أخذ مني وأرجو المغفرة، والظاهر أن الآية عامة لسائر الأسارى على ما يقتضيه صيغة الجمع، ولا يأبى ذلك رواية أنها نزلت في العباس لما قالوا من أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وقرأ الأعمش * (يثبكم خيرا) * والحسن وشيبة * (مما أخذ منكم) * على البناء للفاعل.
* (وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم والله عليم حكيم) *.
* (وإن يريدو ا) * أي الأسرى * (خيانتك) * أي نقض ما عاهدوك عليه من إعطاء الفدية أو أن لا يعودوا لمحاربتك ولا إلى معاضدة المشركين، ويجوز أن يكون المراد وإن يريدوا نكث ما بايعوك عليه من الإسلام والردة واستحباب دين آبائهم * (فقد خانوا الله من قبل) * بالكفر ونقض ميثاقه المأخوذ على كل عاقل بل ادعى بعضهم أنه الأقرب * (فأمكن منهم) * أي أقدرك عليهم حسبما رأيت في بدر فإن أعادوا الخيانة فاعلم أنه سيمكنك الله تعالى منهم أيضا فالمفعول محذوف، وقوله سبحانه: * (فقد خانوا) * قائم مقام الجواب، والجملة كلام مسوق من جهته تعالى لتسليته عليه الصلاة والسلام بطريق الوعد له صلى الله عليه وسلم والوعيد لهم، * (والله عليم) * فيعلم ما في نياتهم وما يستحقونه من العقاب * (حكيم) * يفعل كل ما يفعله حسبما تقتضيه حكمته البالغة.
* (إن الذين ءامنوا وهاجروا وج‍اهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أول‍ائك بعضهم أوليآء بعض والذين ءامنوا ولم يهاجروا ما لكم من ول‍ايتهم من شىء حتى يهاجروا وإن استنصروكم فى الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير) *.
* (إن الذين ءامنوا وهاجروا) * هم المهاجرون الذين هجروا أوطانهم وتركوها لأعدائهم في الله لله عز وجل * (وج‍اهدوا بأموالهم) * فصرفوها للكراع والسلاح وأنفقوها على المحاويج من المسلمين * (وأنفسهم) * بمباشرة القتال واقتحام المعارك والخوض في لجج المهالك * (في سبيل الله) * قيل: هو متعلق بجاهدوا قيد لنوعي الجهاد، ويجوز أن يكون من باب التنازع في العمل بين هاجروا وجاهدوا ولعل تقديم الأموال على الأنفس لما أن المجاهدة بالأموال أكثر وقوعا وأتم دفعا للحاجة حيث لا يتصور المجاهدة بالنفس بلا مجادة بالمال، وقيل: ترتيب هذه المتعاطفات في الآية على حسب الوقوع فإن الأول الإيمان ثم الهجرة ثم الجهادب المال لنحو التأهب للحرب ثم الجهاد بالنفس * (والذين ءاووا ونصروا) * هم الأنصار آووا المهاجرين وأنزلوهم منازلهم وآثروهم على أنفسهم ونصروهم على أعدائهم * (أولئك) * أي المذكورون الموصوفون بالصفات الفاضلة، وهو مبتدأ وقوله تعالى: * (بعضهم) * إما بدل منهم، وقوله سبحانه: * (أولياء بعض) * خبر وإما مبتدأ ثان و * (أولياء) * خبره والجملة خبر للمبتدأ الأول أي بعضهم أولياء بعض في الميراث على ما هو المروى عن ابن عباس رضي الله
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»