مشوه الخلقة وكان ينم حديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنافقين فقيل له: لا تفعل. فقال: إنما محمد صلى الله عليه وسلم أذن من حدثه شيئا صدقه نقول شيئا ثم نأتيه ونحلف له فيصدقنا، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: " من أراد أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إلى نبتل بن الحرث " وأرادوا سود الله تعالى وجوههم وأصمهم وأعمى أبصارهم بقولهم أذن أنه عليه الصلاة والسلام يسمع ما يقال له ويصدقه فيكون وصف * (أذن) * بما يفيد ذلك في كلامهم كشفا له، وهي في الأصل اسم للجارحة، وإطلاقها على الشخص بالمعنى المذكور - كما يؤيده بعض الروايات - من باب المجاز المرسل على ما في المفتاح كإطلاق العين على ربيئة القوم حيث كانت العين هي المقصودة منه، وصرح غير واحد أن ذلك من إطلاق الجزء على الكل للمبالغة كقوله: إذا ما بدت ليلى فكلى أعين * وإن هي ناجتني فكلى مسامع وقيل: إنه مجاز عقلي كرجل عدل وفيه نظر، والمبالغة هنا على ما قيل في أنه يسمع كل قول باعتبار أنه يصدقه لا في مجرد السماع، وما قيل: إن مرادهم بكونه عليه الصلاة والسلام أذنا تصديقه بكل ما يسمع من غير فرق بين ما يليق بالقبول لمساعدة أمارات الصدق له وبين ما لا يليق به فليس من قبيل إطلاق العين على الربيئة. ولذا جعله بعضهم من قبيل التشبيه بالأذن في أنه ليس فيه وراء الاستماع تمييز حق عن باطل ليس بشيء يعتد به وقيل: إنه على تقدير مضاف أي ذو أذن ولا يخفى أنه مذهب لرونقه، وجوز أن يكون * (أذن) * صفة مشبهة من أذن يأذن إذنا إذا استمع وأنشد الجوهري لقعنب: إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * مني وما سمعوا من صالح دفنوا صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به * وإن ذكرت بشر عندهم أذنوا وعلى هذا هو صفة بمعنى سميع ولا تجوز فيه وما تأذى به النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون ما قالوه في حقه عليه الصلاة والسلام من سائر الأقوال الباطلة فيكون قوله سبحانه: * (ويقولون) * الخ غير ما تأذى به. ويحتمل أن يكون نفس قولهم * (هو إذن) * فيكون عطف تفسير و * (يؤذون) * مضارع آذاه والمشهور في مصدره أذى وأذاة وأذية وجاء أيضا الإيذاء كما أثبته الراغب وقول صاحب القاموس ولا تقل إيذاء خطأ منه.
* (قل أذن خير لكم) * من قبيل رجل صدق فهو من إضافة الموصوف إلى الصفات للمبالغة في الجودة والصلاح كأنه قيل: نعم هو إذن ولكن نعم الاذن، ويجوز أن تكون الإضافة على معنى في أي هو أذن في الخير والحق وفيما يجب سماعه وقبوله وليس بأذن في غير ذلك، ويدل عليه قراءة حمزة * (ورحمة) * فيما يأتي بالجر عطفا على خير فإنه لا يحسن وصف الأذن بالرحمة ويحسن أن يقال أذن في الخير والرحمة، وهذا كما قال ابن المنير أبلغ أسلوب في الرد عليهم لأن فيه اطماعا لهم بالموافقة على مدعاهم ثم كر عليهم بحسم طمعهم وبت أمنيتهم وهو كالقول الموجب. وقرأ نافع * (أذن) * بالتخفيف في الموضعين وقرأ * (أذن) * بالتنوين - فخير - صفة له بمعنى خير المشدد أو أفعل تفضيل أو مصدر وصف به للمبالغة أو بالتأويل المشهور، وقوله سبحانه: * (يؤمن بالله) * تفسير لكونه عليه الصلاة والسلام أذن خير لهم، أي يصدق بالله تعالى لما قام عنده من الأدلة والآيات الموجبة لذلك، وكون ذلك صفة خير للمخاطبين كما أنه خير للعالمين مما لا يخفى * (ويؤمن للمؤمنينذ أي يصدقهم لما علم فيهم من