سورة الأعراف أخرج أبو الشيخ وابن حبان عن قتادة قال: هي مكية إلا آية * (واسألهم عن القرية) * (163)، وقال غيره: إن هذا إلى * (وإذ أخذ ربك) * (172) مدني. وأخرج غير واحد عن ابن عباس وابن الزبير أنها مكية ولم يستثنيا شيئا، وهي مائتان وخمس آيات في البصري والشامي وست في المدني والكوفي - فألمص و * (بدأكم تعودون) * - (29) كوفي و * (مخلصين له الدين) * (29) بصري شامي و * (ضعفا من النار) * (38). و * (الحسنى على بني إسرائيل) * (137) مدني وكلها محكم، وقيل: إلا موضعين، الأول: * (وأملي لهم) * (183) فإنه نسخ بآية السيف والثاني * (خذ العفو) * ((199) فإنه نسخ بها أيضا عند ابن زيد، وادعى أيضا أن * (وأعرض عن الجاهلين) * (199) كذلك وفيما ذكر نظر، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
ومناسبتها لما قبلها على ما قاله الجلال السيوطي عليه الرحمة، أن سورة الأنعام لما كانت لبيان الخلق وفيها * (هو الذي خلقكم من طين) * (2) وقال سبحانه في بيان القرون * (كم أهلكنا من قبلهم من قرن) * (6) وأشير إلى ذكر المرسلين وتعداد الكثير منهم وكان ما ذكر على وجه الإجمال جىء بهذه السورة بعدها مشتملة على شرحه وتفصيله فبسط فيها قصة آدم وفصلت قصص المرسلين وأممهم وكيفية هلاكهم أكمل تفصيل ويصلح هذا أن يكون تفصيلا لقوله تعالى: * (وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) * (الأنعام: 165) ولهذا صدر السورة بخلق آدم الذي جعله في الأرض خليفة، وقال سبحانه في قصة عاد: * (جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) * (الأعراف: 69) وفي قصة ثمود * (جعلكم خلفاء من بعد عاد) * (الأعراف: 74) وأيضا فقد قال سبحانه فيما تقدم: * (كتب على نفسه الرحمة) * (الأنعام: 12) وهو كلام موجز وبسطه سبحانه هنا بقوله تعالى: * (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون) * (الأعراف: 156) الخ.
وأما وجه ارتباط أول هذه السورة بآخر الأولى فهو أنه قد تقدم * (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) * (الأنعام: 153). * (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه) * (الأنعام: 92) وافتتح هذه بالأمر باتباع الكتاب، وأيضا لما تقدم * (ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون) * (الأنعام: 159). * (ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون) * (الأنعام: 164) قال جل شأنه في مفتتح هذه: * (فلنسألن الذين أرسل إليهم) * (الأعراف: 6) الخ وذلك من شرح التنبئة المذكورة. وأيضا لما قال سبحانه: * (من جاء بالحسنة) * (الأنعام: 160) الآية وذلك لا يظهر إلا في الميزان افتتح هذه بذكر الوزن فقال عز من قائل: * (والوزن يومئذ الحق) * (الأعراف: 8) ثم من ثقلت موازينه وهو من زادت حسنا ته على سيئاته ثم من خفت وهو على العكس ثم ذكر سبحانه بعد أصحاب الأعراف وهم في أحد الأقوال من استوت حسناتهم وسيئآهم.
* (المص) *.
بسم الله الرحمان الرحيم. * (المص) * سبق الكلام في مثله وبيان ما فيه فلا حاجة إلى الإعادة خلا أنه قيل هنا: إن معنى ذلك المصور وروي ذلك عن السدي، وأخرج البيهقي وغيره عن ابن عباس أن المعنى أنا الله أعلم وأفصل، واختاره الزجاج وروي عن ابن جبير، وفي رواية أخرى عن الحبر أنه وكذا نظائره قسم أقسم الله تعالى به وهو من أسمائه سبحانه. وعن الضحاك أن معناه أنا الله الصادق، وعن محمد بن كعب القرظي أن الألف واللام من الله والميم من الرحمن والصاد من الصمد؛ وقيل: المراد به ألم نشرح لك صدرك. وذكر بعضهم أنه ما من سورة افتتحت - بألم - إلا وهي مشتملة على ثلاثة أمور بدء الخلق والنهاية التي هي المعاد والوسط الذي هو المعاش وإليها الإشارة بالاشتمال على المخارج الثلاثة الحلق واللسان والشفتين، وزيد في هذه السورة على ذلك الصاد لما فيها مع ما ذكر من شرح القصص وهو كما ترى والله تعالى أعلم بمراده.
* (كتابأنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين) *.