وهو المراد بمن أحياه الله تعالى وهداه، وأبي جهل بن هشام لعنه الله تعالى وهو المراد بمن مثله في الظلمات ليس بخارج، وروي عن زيد بن أسلم مثل ذلك.
وفي رواية عن ابن عباس أنها في حمزة وأبي جهل، وعن عكرمة أنها في عمار بن ياسر، وأبي جهل. وأيما كان فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيدخل في ذلك كل من إنقاد لأمر الله تعالى ومن بقى على ضلاله وعتوه * (كذلك) * إشارة إلى التزيين المذكور على طرز ما قرر في أمثاله أو إشارة إلى إحياء الشياطين إلى أوليائهم أو إلى تزيين الايمان للمؤمنين * (زين) * من جهته تعالى خلقا أو من جهة الشياطين وسوسة * (للكافرين) * كأبي جهل وأضرابه * (ما كانوا يعملون) * أي مااستمروا على عمله من فنون الكفر والمعاصي التي من جملتها ما حكى عنهم من القبائح.
* (وكذالك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون) *.
* (وكذلك) * قيل أي كما جعلنا في مكة أكابر مجرميها ليمكروا فيها * (جعلنا في كل قرية) * من سائر القرى * (أكابر مجرميها ليمكروا فيها) * أو كما جعلنا أعمال أهل مكة مزينة لهم جعلنا في كل قرية ألخ، وإلى الاحتمالين ذهب الامام الرازي. وجعل غير واحد جعل بمعنى صير المتعدية لمفعولين. واختلف في تعيينهما فقيل: * (أكابر) * مفعول أول و * (مجرميها) * بدل منه، وقيل: * (أكابر) * مفعول ثان و * (مجرميها) * مفعول أول لأنها معرفة فيتعين أنه المبتدأ بحسب الأصل، والتقدير جعلنا في كل قرية مجرميها أكابر فيتعلق الجار والمجرور بالفعل.
واعترض أبو حيان كون * (مجرميها) * بدلا من * (أكابر) * أو مفعول لا بأنه خطأ وذهول عن قاعدة نحوية وهي أن أفعل التفضيل يلزم أفراده وتذكيره إذا كان بمن الظاهر أو مقدره أو مضافا إلى نكرة سواء كان لمفرد مذكر أو لغيره فإن طابق ما هو له تأنيثا وجمعا وتثنيه لزمه أحد الأمرين إما الألف واللام أو الاضافه إلى معرفة و * (أكابر) * في التخريجين باق على الجمعية وهو غير معرف بأل ولا مضاف لمعرفة وذلك لا يجوز. وتعقبه الشهاب فقال: إنه غير وارد لأن أكابر وأصاغر أجرى مجرى الأسماء لكونه بمعنى الرؤساء - كما نص عليه راغب - وما ذكره إنما هو إذا بقى على معناه الأصلي. ويؤيده قول ابن عطية: انه يقال أكابر كما يقال أحمر وأحامرة كما قال: ان الأحامرة الثلاث تعولت وإن رده أبو حيان بأنه لم يعلم أن أحدا من أهل اللغة والنحو أجاز في جمع أفضل أفاضلة وفيه نظر. وأما الجواب بأنه على حذف المضاف المعرفة للعلم به أي أكابر الناس أو أكابر أهل القرية فلا يخفى ضعفه اه. وظاهر كلام الزمخشري أن الظرف لغو و * (أكابر) * المفعولين مضاف لمجرميها و * (ليمكروا) * المفعول الثاني. وجوز بعضهم كون جعل متعديا لواحد على أن المراد بالجعل التمكين بمعنى الإقرار في المكان والإسكان فيه ومفعوله * (أكابر مجرميها) * بالإضافة، ويفهم من كلام البعض أن احتمال الإضافة لا يجري إلا على تفسير جعلناهم بمكناهم ولا يخلو ذلك عن دغدغة. وقال العلامة الثاني بعد سرد عدة من الأقوال: والذي يقتضيه النظر الصائب أن * (في كل قرية) * لغو و * (أكابر مجرميها) * مفعول أول و * (ليمكروا) * هو الثاني؛ ولا يخفى حسنه بيد أنه مبني على جعل الإشارة لأحد الأمرين اللذين أشير فيما سبق إليهما. وناقش في ذلك شيخ الإسلام وادعى