تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ٢٤٠
أن الانتفاع بهذا الجنس لا يتأتى غالبا إلا عند اجتماع طائفة من أفراده.
* (والزيتون والرمان) * نصب على الاختصاص لعزة هذين الصنفين عندهم أو على العطف على * (نبات) *. وقوله سبحانه: * (مشتبها وغير متشابه) * إما حال من * (الزيتون) * لسبقه اكتفى به عن حال ما عطف عليه والتقدير والزيتون مشتبها وغير متشابه والرمان كذلك، وإما حال من * (الرمان) * لقربه ويقدر مثله في الأول. وأيا ما كان ففي الكلام مضاف مقدر وهو بعض أي بعض ذلك مشتبها وبعضه غير متشابه في الهيئة والمقدار واللون والطعم وغير ذلك من الأوصاف الدالة على كمال قدرة صانعها وحكمة منشيها ومبدعها جل شأنه وإلا كان المعنى جميعه مشتبه وجميعه غير متشابه وهو غير صحيح. ومن الناس من جوز كونه حالا منهما مع التزام التأويل. وافتعل وتفاعل هنا بمعنى كاستوى وتساوى. وقرىء * (متشابها وغير متشابه) *.
* (انظروا) * نظر اعتبار واستبصار * (إلى ثمره) * أي ثمر ذلك أي الزيتون والرمان والمراد شجرتهما وأريد بهما فيما سبق الثمرة ففي الكلام استخدام. وعن الفراء أن المراد في الأول: شجر الزيتون وشجر الرمان وحينئذ لا استخدام، وأيا ما كان فالضمير راجع إليها بتأويله باسم الإشارة. ورجوعه إلى كل واحد منهما على سبيل البدل بعيد لا نظير له في عدم تعيين مرجع الضمير. وجوز رجوع الضمير إلى جميع ما تقدم بالتأويل المذكور ليشمل النخل وغيره مما يثمر * (إذا أثمر) * أي إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضئيلا لا يكاد ينتفع به. وقرأ حمزة والكسائي * (ثمره) * بضم الثاء وهو جمع ثمرة كخشبة وخشب أو ثمار ككتاب وكتب * (وينعه) * أي وإلى حال نضجه أو إلى نضيجه كيف يعود ضخما ذا نفع عظيم ولذة كاملة. وهو في الأصل مصدر ينعت الثمرة إذا أدركت، وقيل: جمع يانع كتاجر وتجر. وقرىء بالضم وهي لغة فيه. وقرأ ابن محيصن * (ويانعه) *، ولا يخفى أن في التقييد بقوله تعالى: * (إذا أثمر) * على ما أشرنا إليه إشعارا بأن المثمر حينئذ ضعيف غير منتفع به فيقابل حال الينع. ويدل كمال التفاوت على كمال القدرة. وعن الزمخشري أنه قال فإن قلت هلا قيل: إلى غض ثمره وينعه؟ قلت: في هذا الأسلوب فائدة وهي أن الينع وقع فيه معطوفا على الثمر على سنن الاختصاص نحو قوله سبحانه: * (وجبريل وميكال) * (البقرة: 98) للدلالة على أن الينع أولى من الغض " وله وجه وجيه وإن خفي على بعض الناظرين.
* (إن في ذالكم) * إشارة إلى ما أمروا بالنظر إليه. وما في اسم الإشارة من معنى البعد لما مر غير مرة * (لآيات) * عظيمة أو كثيرة دالة على وجود القادر الحكيم ووحدته * (لقوم يؤمنون) * أي يطلبون الايمان بالله تعالى - كما قال القاضي - أو مؤمنون بالفعل، وتخصيصهم بالذكر لأنهم الذين انتفعوا بذلك دون غيرهم - كما قيل - ووجه دلالة ما ذكر على وجود القادر الحكيم ووحدته أن حدوث هاتيك الأجناس المختلفة والأنواع المتشعبة من أصل واحد وانتقالها من حال إلى حال على نمط بديع لا بد أن يكون بإحداث صانع يعلم تفاصيلها ويرجح ما تقتضيه حكمته من الوجوه الممكنة على غيره ولا يعوقه ضد يعانده أو ند يعارضه، ثم إنه سبحانه بعد أن ذكر هذه النعمة الجليلة الدالة على توحيده وبخ من أشرك به سبحانه ورد عليه [بم بقوله عز شأنه:
* (وجعلوا لله شركآء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبح‍انه وتع‍الى عما يصفون) *.
* (وجعلوا) * في اعتقادهم * (لله) * الذي شأنه ما فصل في تضاعيف هذه الآيات * (شركاء) * في الألوهية أو الربوبية * (الجن) * أي
(٢٤٠)
مفاتيح البحث: الزمخشري (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»