فرقوا بين الإيمان بالله تعالى ورسوله؛ والآخرون فرقوا بين رسل الله تعالى عليهم السلام فآمنوا ببعض وكفروا ببعض كاليهود، وعلى كل تقدير فخبر * (إن) * قوله تعالى:.
* (أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا) *.
* (أولئك) * أي الموصوفون بالصفات القبيحة * (هم الكافرون) * الكاملون في الكفر لا عبرة بما يدعونه ويسمونه إيمانا أصلا * (حقا) * مصدر مؤكد لغيره وعامله محذوف أي حق ذلك أي كونهم كاملين في الكفر حقا، وجوز أن يكون صفة لمصدر الكافرين، أي هم الذين كفروا كفرا حقا أي لا شك فيه ولا ريب، فالعامل مذكور؛ وحقا بمعنى اسم المفعول، وليس بمعنى مقابل الباطل، ولهذا صح وقوعه صفة صناعة ومعنى، واحتمال الحالية - ما زعم أبو البقاء - بعيد، والآية على ما زعمه البعض متعلقة بقوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا آمنوا) * (النساء: 136) الخ على أنها كالتعليل له وما توسط بين العلة والمعلول من الجمل والآيات إما معترض أو مستطرد عند إمعان النظر * (وأعتدنا للكافرين) * أي لهم، ووضع المظهر موضع المضمر تذكيرا بوصف الكفر الشنيع المؤذن بالعلية، وقد يراد جميع الكفار وهم داخلون دخولا أوليا. * (عذابا مهينا) * يهينهم ويذلهم جزاء كفرهم الذي ظنوا به العزة..
* (والذين ءامنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولائك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما) *.
* (والذين ءامنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم) * بأن يؤمنوا ببعض ويكفروا بآخرين كما فعل الكفرة، ودخول بين على * (أحد) * قد مر الكلام فيه. والموصول مبتدأ خبره جملة قوله: * (أولئك) * أي المنعوتون بهذه النعوت الجليلة * (سوف يؤتيهم) * أي الله تعالى * (أجورهم) * الموعودة لهم، فالإضافة للعهد. وزعم بعضهم أن الخبر محذوف أي أضدادهم ومقابلوهم، والاتيان بسوف لتأكيد الموعود الذي هو الإيتاء والدلالة على أنه كائن لا محالة وإن تأخر لا الإخبار بأنه متأخر إلى حين، فعن الزمخشري أن يفعل الذي للاستقبال موضوع لمعنى الاستقبال بصيغته؛ فإذا دخل عليه سوف أكد ما هو موضوع له من إثبات الفعل في المستقبل لا أن يعطي ماليس فيه من أصله فهو في مقابلة لن ومنزلته من يفعل منزلة لن من لا يفعل لأن لا لنفي المستقبل فإذا وضع لن موضعه أكد المعنى الثابت وهو نفي المستقبل فإذا كل واحد من - لن وسوف - حقيقته التوكيد، ولهذا قال سيبويه: لن يفعل نفي سوف يفعل وكأنه اكتفى سبحانه ببيان ما لهؤلاء المؤمنين عن أن يقال: أولئك هم المؤمنون - حقا - مع استفادته مما دل على الضدية، وفي الآية التفات من التكلم إلى الغيبة. وقرأ نافع وابن كثير وكثير - نؤتيهم - بالنون فلا التفات.
* (وكان الله غفورا) * لمن هذه صفتهم ما سلف لهم من المعاصي والآثام * (رحيما) * بهم فيضاعف حسناتهم ويزيدهم على ما وعدوا..
* (يسألك أهل الكتابأن تنزل عليهم كتابا من السمآء فقد سألوا موسى أكبر من ذالك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم ثم اتخذوا العجل من بعد ما جآءتهم البينات فعفونا عن ذالك وءاتينا موسى سلطانا مبينا) *.
* (يسألك) * يا محمد * (أهل الكتاب) * الذين فرقوا بين الرسل * (أن تنزل عليهم كتابا من السماء) * فقالوا: إن موسى عليه السلام جاء بالألواح من عند الله تعالى فأتنا بألواح من عنده تعالى فطلبوا أن يكون المنزل جملة، وأن يكون بخط سماوي، وروي ذلك عن محمد بن كعب القرظي والسدي. وعن قتادة أنهم سألوا أن ينزل عليهم كتابا خاصا لهم، وقريب منه ما أخرجه ابن جرير عن ابن جريج قال: إن اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم: لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من عند الله تعالى من الله تعالى إلى فلان إنك رسول الله وإلى فلان إنك رسول الله، وما كان مقصدهم بذلك إلا التحكم والتعنت، قال الحسن: ولو