تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٦ - الصفحة ١٨٧
الثلاثة على الخلافة الظاهرة، والأحاديث الواردة في خلافة الأمير كرم الله تعالى وجهه على الخلافة الباطنة ولم يعطل شيئا من الأخبار، وقال بحقيقة خلافة الأربع رضي الله تعالى عنهم أجمعين. وأنت تعلم أن هذا مشعر بأفضلية الأمير كرم الله تعالى وجهه على الخلفاء الثلاثة، وبعضهم يصرح بذلك، ويقول: بجواز خلافة المفضول خلافة صورية مع وجود الفاضل لكن قد قدمنا عن الشيخ الأكبر قدس الله تعالى سره أنه قال: ليس بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه رجل، وليس مقصوده سوى بيان المرتبة في الفضل فافهم * (ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا) * فإنه من حزب الله تعالى أي أهل خاصته القائمين معه على شرائط الاستقامة * (فإن حزب الله هم الغالبون) * (المائدة: 56) على أعدائهم الأنفسية والأفاقية، وقد صح " لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله سبحانه لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله تعالى وهم على ذلك " * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم) * أي حالكم الذي أنتم عليه في السير والسلوك * (هزوا ولعبا) * فطعنوا فيه * (من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) * وهم المقتصرون على الظاهر فقط - كاليهود - أو على الباطن فقط - كالنصارى - * (والكفار) * الذين حجبوا بأنفسهم عن الحق * (أولياء) * للمباينة في الأحوال * (واتقوا الله إن كنتم مؤمنين) * (المائدة: 57) به عز شأنه * (وإذا ناديتم إلى الصلاة) * أي الحضور في حضرة الرب * (اتخذوها هزوا ولعبا ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) * (المائدة: 58) الأسرار ولم يفهموا ما في الصلاة من بلوغ الأوطار، فقد صح " حبب لي من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة " * (قل يا أهل الكتاب هل تنقمون) * وتنكرون * (منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل) * (المائدة: 59) فجمعنا بين الظاهر والباطن وطرنا بهذين الجناحين إلى الحضرة القدسية * (وجعل منهم القردة والخنازير) * أي بدلنا صفاتهم بصفات هاتيك الحيوانات من الحيل والحرص والشهوة وقلة الغيرة * (وعبد الطاغوت) * وهو كل ما يطغى مما سوى الله تعالى أي أنهم انقادوا إليه وخضعوا له، ومن أولئك من هو عابد الدرهم والدينار * (أولئك شر مكانا) * (المائدة: 60) لأنهم أبطلوا استعدادهم الفطري وضلوا ضلالا بعيدا * (وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت) * (المائدة: 62) أي يقدمون بسرعة على جميع الرذائل لاعتيادهم لها وتدربهم فيها وكونها ملكات لنفوسهم، فالإثم رذيلة القوة النطقية والعدوان رذيلة القوى الغضبية، وأكل السحت رذيلة القوى الشهوية * (وقالت اليهود) * لحرمانهم من الأسرار التي لا يطلع عليها أهل الظاهر * (يد الله) * تعالى عما يقولون * (مغلولة) * فلا يفيض غير ما نحن فيه من العلوم الظاهرة * (غلت أيديهم) * وحرموا إلى يوم القيامة عن تناول ثمار أشجار الأسرار * (ولعنوا) * أي أبعدوا عن الحضرة الإلهية * (بما قالوا) * من تلك الكلمة العظيمة * (بل يداه مبسوطتان ينفق) * بهما * (كيف يشاء) * (المائدة: 64) فيفيض حسب الحكمة من أنواع العلوم الظاهرة والباطنة على من وجده أهلا لذلك، وإلى الظاهر والباطن أشار صلى الله عليه وسلم " بالليل والنهار " فيما أخرجه البخاري وغيره " يد الله تعالى ملآى لا يغيضها سخاء الليل والنهار " * (ولو أن أهل الكتاب آمنوا) * الإيمان الحقيقي * (واتقوا) * شرك أفعالهم وصفاتهم وذواتهم، ولو أنهم آمنوا بالعلوم الظاهرة * (واتقوا) * الإنكار والاعتراض على من روي من العلوم الباطنة وسلموا لهم أحوالهم كما قيل: وإذا لم تر الهلال فسلم لأناس رأوه بالأبصار * (لكفرنا عنهم سيآتهم) * التي ارتكبوها * (ولأدخلناهم جنات النعيم) * (المائدة: 56) في مقابلة إيمانهم واتقائهم * (ولو أنهم
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»