تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه إلا الصف والصفان، والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله تعالى: * (حافظوا على الصلوات) * الخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لينتهين رجال أو لأحرقن بيوتهم " ويؤكد كونها غير العصر ما أخرجه مسلم وغيره من طرق عن أبي يونس مولى عائشة قال: " أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا فأملت علي (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) وقالت: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم " والعطف يقتضي المغايرة، وأخرج مالك وغيره من طرق أيضا عن عمرو بن رافع قال: " كنت أكتب مصحفا لحفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فأملت علي (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر) وأخرج ابن أبي داود في " المصاحف " عن عبد الله بن رافع أنه كتب لأم سلمة مصحفا فأملت عليه مثل ما أملت عائشة وحفصة " وأخرج ابن أبي داود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ كذلك، وأخرج أيضا عن أبي رافع مولى حفصة قال: " كتبت مصحفا لحفصة فقالت اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر فلقيت أبي بن كعب فقال: هو كما قالت أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في عملنا ونواضحنا " وهذا يدل على أن الصحابة فهموا من هذه القراءة أنها الظهر هذا، وعن الربيع بن خيثم وأبي بكر الوراق أنها إحدى الصلوات الخمس ولم يعينها الله تعالى وأخفاها في جملة (الصلوات) المكتوبة ليحافظوا على جميعها كما أخفى ليلة القدر في ليالي شهر رمضان. واسمه الأعظم في جميع الأسماء وساعة الإجابة في ساعات الجمعة؛ وقرأ عبد الله وعلي الصلاة الوسطى وروي عن عائشة (والصلاة) بالنصب على المدح والاختصاص، وقرأ نافع (الوصطى) بالصاد.
* (وقوموا لله) * أي في الصلاة * (ق‍انتين) * أي مطيعين كما هو أصل معنى القنوت عند بعض وهو المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أو ذاكرين له تعالى في القيام بناءا على أن القنوت هو الذكر فيه، وقيل: خاشعين، وقيل: مكملين الطاعة ومتميها على أحسن وجه من غير إخلال بشيء مما ينبغي فيها، ويؤيده ما أخرجه ابن جرير عن مجاهد قال: من القنوت طول الركوع وغض البصر والخشوع وأن لا يلتفت وأن لا يقلب الحصى ولا يعبث بشيء ولا يحدث نفسه بأمر من أمور الدنيا، وفسره البخاري في " صحيحه " بساكتين لما أخرج هو ومسلم وأبو داود وجماعة عن زيد بن أرقم قال: " كنا نتكلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: * (وقوموا لله قانتين) * فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام، ولا يخفى أنه ليس بنص في المقصود، ولعل الأوضح منه ما أخرجه ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنهما قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد على فلما قضي الصلاة قال: " إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أنا أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة " وقال ابن المسيب: المراد به القنوت في الصبح وهو رواية عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، والجار والمجرور متعلق بما قبله أو بما بعده.
* (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذآ أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) * * (فإن خفتم) * من عدو أو غيره * (فرجالا أو ركبانا) * حالان من الضمير في جواب الشرط أي فصلوا راجلين أو راكبين، والأول جمع راجل، وهو الماشي على رجليه - ورجل - بفتح فضم أو بفتح فكسر بمعناه، وقيل: الراجل الكائن على رجليه واقفا أو ماشيا، واستدل الشافعي رضي الله تعالى عنه بظاهر الآية على وجوب الصلاة حال المسايفة
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»