بفتح العين على المشهور وجوز بعضهم سكونها فتكون حركة العين منقولة من اللام وقد اتفقت المصاحف على رسم الواو مكان الألف في مشكوة ونجاة ومناة وصلاة وزكاة وحياة حيث كن موحدات مفردات محلات باللام وعلى رسم المضاف منها كصلاتى بالألف وحذفت من بعض المصاحب العثمانية، واتفقوا على رسم المجموع منها بالواو على اللفظ قال الجعبري: ووجه كتابة الواو الدلالة على أن أصلها المنقلبة عنه واو وهو اتباع للتفخيم وهذا معنى قول ابن قتيبة بعض العرب يميلون الألف إلى الواو ولم أختر التعليل به لعدم وقوعه في القرآن العظيم وكلام الفصحاء والمراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة وهي الصلوات الخمس كما قاله مقاتل أو الفرائض والنوافل كما قاله الجمهور والأول هو المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وادعى الإمام أنه هو المراد لأنه الذي يقع عليه الفلاح لأنه صلى الله عليه وسلم لما بين للأعرابي صفة الصلاة المفروضة قال: " والله لا أزيد عليها ولا أنقص منها فقال عليه الصلاة والسلام أفلح الأعرابي إن صدق ".
والرزق بالفتح لغة الاعظاء لما ينتفع الحيوان به. وقيل إنه يعم غيره كالنبات وبالكسر اسم منه ومصدر أيضا على قول. وقيل أصل الرزق الحظ ويستعمل بمعنى المرزوق المنتفع به وبمعنى الملك وبمعنى الشكر عند أزد. واختلف المتكلمون في معناه شرعا فالمعول عليه عند الأشاعرة ما ساقه الله تعالى إلى الحيوان فانتفع به سواء كان حلالا أو حراما من المطعومات أو المشروبات أو الملبوسات أو غير ذلك والمشهور أنه اسم لما يسوقه الله تعالى إلى الحيوان ليتغذى به ويلزم على الأول أن تكون العواري رزقا لأنها مما ساقه الله تعالى للحيوان فانتفع به وفي جعلها رزقا بعد بحسب العرف كما لا يخفى، ويلزم أيضا أن يأكل شخص رزق غيره لأنه يجوز أن ينتفع به الآخر بالأكل إلا أن الآية توافقه إذ يجوز أن يكون انتفاع من جهة الانفاق على الغير بخلاف التعريف الثاني إذ ما يتغذى به لا يمكن إنفاقه إلا أن يقال إطلاق الرزق على المنفق مجاز لكونه بصدده والمعتزلة فسروه في المشهور تارة بما أعطاه الله تعالى عبده ومكنه من التصرف فيه وتارة بما أعطاه الله تعالى لقوامه وبقائه خاصة، وحيث إن الإضافة إلى الله تعالى معتبرة في معناه وأنه لا رازق إلا الله سبحانه وأن العبد يستحق الذم والعقاب على أكل الحرام وما يستند إلى الله تعالى عز وجل عندهم لا يكون قبيحا ولا مرتكبه مستحقا ذما وعقابا قالوا إن الرزق هو الحلال، والحرام ليس برزق وإلى ذلك ذهب الجصاص منا في كتاب " أحكام القرآن " وعندنا الكل منه وبه وإليه * (قل كل من عند الله) * (النساء: 78) ولا حول ولا قوة إلا بالله وإلى الله تصير الأمور والذم والعقاب لسوء مباشرة الأسباب بالاختيار نعم الأدب من خير رأس مال المؤمن فلا ينبغي أن ينسب إليه سبحانه إلا الأفضل فالأفضل كما قال إبراهيم عليه السلام: * (وإذا مرضت فهو يشفين) * (الشعراء: 80) وقال تعالى: * (أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم) * (الفاتحة: 7) فالحرام رزق في نفس الأمر لكنا نتأدب في نسبته إليه سبحانه والدليل على شمول الرزق له ما أخرجه ابن ماجه وأبو نعيم والديلمي من حديث صفوان بن أمية قال: " جاء عمرو بن قرة فقال: يا رسول الله إن الله قد كتب علي الشقوة فلا أراني أرزق إلا من دفي بكفي فأذن لي في الغنى من غير فاحشة فقال صلى الله عليه وسلم: لا إذن لك ولا كرامة ولا نعمة كذبت أي عدو الله لقد رزقك الله تعالى رزقا حلالا طيبا فاخترت ما حرم الله تعالى عليك من رزقه مكان ما أحل الله لك من حلاله " وحمله على المشاكلة كالقول بأنه يحتمل قوله عليه الصلاة والسلام " فاخترت " الخ كونه رزقا لمن أحل له فيسقط الاستدلال لقيام الاحتمال خلاف الظاهر جدا. ومثل هذا الاحتمال إن قدح في الاستدلال لا يبقى وجه الأرض دليل والطعن في السند لا يقبل من غير مستند وهو مناط الثريا كما لا يخفى والاستدلال على هذا المطلب كما فعل البيضاوي وغيره بأنه لو لم يكن الحرام رزقا لم يكن المتغذى