وإن الله لسميع عليم) * أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآية والعبرة ويؤمن من آمن على مثل ذلك والإيمان هو الحياة كقوله: * (أومن كان ميتا فأحييناه) * (الآية) * (وإن الله لسميع عليم) * لتضرعكم عليم بكم أنكم تستحقون النصر. وقوله: * (إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور) * قال مجاهد: ' أراه الله إياهم في منامه قليلا فأخبر أصحابه بذلك فكان تثبيتا لهم ' وقوله * (وإذ يريكوهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور) * هذا من لطفه تعالى بهم أن أراهم إياهم قليلا ليجزيهم عليهم، ومعنى هذا أن الله أغرى كلا منهم بالآخر وقلله في عينه ليطمع فيه ليعذب من أراد وينعم على من أراد '.
وقوله: * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) * هذا تعليم لآداب اللقاء وطريق الشجاعة، وروي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا: (لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العفو والعافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا الله فإن جلبوا وصيحوا فعليكم بالصمت) قال قتادة: ' فرض الله ذكره عند أشغل ما يكون عند الضراب بالسيوف ' فأمر الله بذكره في هذه الحال والاستعانة به وطلب النصر منه وأن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك ولا يتنازعون فيكونون سببا لفشلهم '.