الإتقان في علوم القرآن - السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٧١
5168 ومن أمثلة ذلك * (يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك) * الآية فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب لأن الحلم يناسب العبادات والرشد يناسب الأموال وقوله * (أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون) * * (أولم يروا أنا نسوق الماء) * إلى قوله * (أفلا يبصرون) * فأتى في الآية الأولى (يهد لهم) وختمها ب (يسمعون) لأنه الموعظة فيها مسموعة وهي أخبار القرون وفي الثانية ب (يروا) وختمها ب (يبصرون) لأنها مرئية وقوله * (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) * فإن اللطف يناسب ما لا يدرك بالبصر والخبر يناسب ما يدركه وقوله * (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) * إلى قوله * (فتبارك الله أحسن الخالقين) * فإن في هذه الفاصلة التمكين التام المناسب لما قبلها وقد بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها قبل أن يسمع آخرها فأخرج ابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن زيد بن ثابت قال أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية * (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين) * إلى قوله * (خلقا آخر) * قال معاذ بن جبل * (فتبارك الله أحسن الخالقين) * فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ مم ضحكت يا رسول الله قال بها ختمت 5169 وحكى أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ * (فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات) * (فاعلموا أن الله غفور رحيم) ولم يكن يقرأ القرآن فقال إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا [ومر بهما رجل فقال كيف تقرأ هذه الآية فقال الرجل * (فاعلموا أن الله عزيز حكيم) * فقال هكذا ينبغي] الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه تنبيهات 5170 الأول قد تجتمع فواصل في موضع واحد ويخالف بينها كأوائل
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»