الشيخان من حديثه أيضا قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود كان في يده ويقول * (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) * * (جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد) * 428 وقال ابن الحصار ذكر الله الزكاة في السور المكيات كثيرا تصريحا وتعريضا بأن الله سينجز وعده لرسوله ويقيم دينه ويظهره حتى تفرض الصلاة والزكاة وسائر الشرائع ولم تؤخذ الزكاة إلا بالمدينة بلا خلاف وأورد من ذلك قوله تعالى * (وآتوا حقه يوم حصاده) * وقوله في سورة المزمل * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) * ومن ذلك قوله فيها * (وآخرون يقاتلون في سبيل الله) * 429 ومن ذلك قوله تعالى * (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا) * فقد قالت عائشة وابن عمر وعكرمة وجماعة إنها نزلت في المؤذنين والآية مكية ولم يشرع الأذان إلا بالمدينة 430 ومن أمثلة ما تأخر نزوله عن حكمه آية الوضوء ففي صحيح البخاري عن عائشة قالت سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل فثنى رأسه في حجري راقدا وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال حبست الناس في قلادة ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة) * إلى قوله * (لعلكم تشكرون) * فالآية مدنية إجماعا وفرض الوضوء كان بمكة مع فرض الصلاة 431 قال ابن عبد البر معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل منذ فرضت عليه الصلاة إلا بوضوء ولا يدفع ذلك إلا جاهل أو معاند قال والحكمة في نزول آية الوضوء مع تقدم العمل به ليكون فرضه متلوا بالتنزيل 432 وقال غيره يحتمل أن يكون أول الآية نزل مقدما مع فرض الوضوء ثم نزل بقيتها وهو ذكر التيمم في هذه القصة 433 قلت يرده الإجماع على أن الآية مدنية
(١٠٧)