فقالوا إنه كان لا يصلي إلى القبلة فنزلت معضل غريب جدا فهذه خمسة أسباب مختلفة وأضعفها الأخير لإعضاله ثم ما قبله لإرساله ثم ما قبله لضعف رواته والثاني صحيح لكنه قال قد أنزلت في كذا ولم يصرح بالسبب والأول صحيح الإسناد وصرح فيه بذكر السبب فهو المعتمد 377 ومن أمثلته أيضا ما أخرجه ابن مردويه وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد تعال فتمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحب إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله * (وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك) * الآيات 378 وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى لها أحرزناه ثم أسلمنا فهم أن يؤجلهم فنزلت هذا يقتضي نزولها بالمدينة وإسناده ضعيف والأول يقتضي نزولها بمكة وإسناده حسن وله شاهد عند أبي الشيخ عن سعيد بن جبير يرتقي إلى درجة الصحيح فهو المعتمد 379 الحال الرابع أن يستوي الإسنادان في الصحة فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات مثاله ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم لو سألتموه فقالوا حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال * (قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) * 380 وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال قالت قريش لليهود اعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا اسألوه عن الروح فسألوه فأنزل الله * (ويسألونك عن الروح) * الآية فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة 381 الحال الخامس أن يمكن نزولها عقيب السببين والأسباب المذكورة
(٩٦)