365 قلت والذي يتحرر في سبب النزول أنه ما نزلت الآية أيام وقوعه ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل من أن سببها قصة قدوم الحبشة به فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك وكذلك ذكره في قوله * (واتخذ الله إبراهيم خليلا) * سبب اتخاذه خليلا ليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى تنبيه 366 ما تقدم أنه من قبيل المسند من الصحابي إذا وقع من تابعي فهو مرفوع أيضا لكنه مرسل فقد يقبل إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك المسألة الخامسة 367 كثيرا ما يذكر المفسرون لنزول الآية أسبابا متعددة وطريق الاعتماد في ذلك أن ينظر إلى العبارة الواقعة فإن عبر أحدهم بقوله نزلت في كذا والآخر نزلت في كذا وذكر أمرا آخر فقد تقدم أن هذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما كما سيأتي تحقيقه في النوع الثامن والسبعين وإن عبر واحد بقوله نزلت في كذا وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد وذاك استنباط مثاله ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال أنزلت * (نساؤكم حرث لكم) * في إتيان النساء في أدبارهن وتقدم عن جابر التصريح بذكر سبب خلافه فالمعتمد حديث جابر لأنه نقل وقول ابن عمر استنباط منه وقد وهمه فيه ابن عباس وذكر مثل حديث جابر كما أخرجه أبو داود والحاكم 368 وإن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره فإن كان إسناد أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح المعتمد مثاله ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله * (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) *
(٩٤)