تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٤ - الصفحة ٣٢٥
الغين - وهو الشيطان; قاله مجاهد وغيره، واعلم أيها الأخ أن من فهم كلام ربه ورزق التوفيق لم ينخدع بغرور الدنيا وزخرفها الفاني; بل يصرف همته بالكلية إلى التزود لآخرته; ساعيا في مرضاة ربه، وأن من أيقن أن الله يطلبه صدق الطلب إليه، كما قاله الإمام العارف بالله ابن عطاء الله. وإنه لا بد لبناء هذا الوجود أن تنهدم دعائمه وأن تسلب كرائمه، فالعاقل; من كان بما هو أبقى أفرح منه بما هو يفنى، قد أشرق نوره وظهرت تباشيره، فصدف عن هذه الدار مغضيا، وأعرض عنها موليا، فلم يتخذها وطنا، ولا جعلها / سكنا; بل أنهض الهمة فيها إلى الله وصار فيها مستعينا به في القدوم عليه، فما زالت مطية عزمه لا يقر قرارها. دائما تسيارها، إلى أن أناخت بحضرة القدس، وبساط الأنس، انتهى.
وروينا في " جامع الترمذي " عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أغبط أوليائي عندي لمؤمن خفيف الحاذ ذو حظ من الصلاة، أحسن عبادة ربه، وأطاعه في السر، وكان غامضا في الناس; لا يشار إليه بالأصابع، وكان رزقه كفافا; فصبر على ذلك، ثم نفض بيده فقال: عجلت منيته، قلت نوائحه; قل تراثه "، قال أبو عيسى: وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عرض على ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا، يا رب، ولكن أشبع يوما وأجوع يوما، أو قال: ثلاثا أو نحو هذا، فإذا جعت، تضرعت إليك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك ". قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وفي الباب عن فضالة بن عبيد، انتهى. والغرور: التطميع بما لا يحصل. وقال ابن حبير: معنى الآية: أن تعمل المعصية وتتمنى المغفرة، وفي الحديث الصحيح: عنه صلى الله عليه و سلم قال: " خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله تعالى; وتلا الآية: * (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث...) * إلى آخرها ". قال أبو حيان: * (بأي أرض) *: - الباء ظرفية والجملة في موضع نصب - ب‍ * (تدري) *. انتهى.
(٣٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 330 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مريم 5
2 طه 43
3 الأنبياء 79
4 الحج 106
5 المؤمنون 141
6 النور 167
7 الفرقان 202
8 الشعراء 224
9 النمل 242
10 القصص 263
11 العنكبوت 288
12 الروم 305
13 لقمان 318
14 السجدة 326
15 الأحزاب 334
16 سبأ 363
17 فاطر 381