مجاهد، وفي الحديث الصحيح: " ثم انطلق، وانطلق معه / فتاه يوشع بن نون، حتى أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما، فناما، واضطرب الحوت في المكتل، فخرج منه فسقط في البحر، واتخذ سبيله في البحر سربا، أي: مسلكا في جوف الماء، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ، نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما، وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه: (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) ويعني ب " النصب " تعب الطريق، قال: ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به، قال له فتاه: (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت)، يريد: ذكر ما جرى فيه، (وما أنسانيه)، أي أن أذكره (إلا الشيطان)، و (اتخذ سبيله في البحر عجبا) قال: فكان للحوت سربا ولموسى وفتاه عجبا، فقال موسى: (ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا)، قال: فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فإذا رجل مسجى بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام قال: أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم، أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا، (قال:
إنك لن تستطيع معي صبرا) يعني: لا تطيق أن تصبر على ما تراه من عملي لأن الظواهر التي هي علمك لا تعطيه، وكيف تصبر على ما تراه خطأ، ولم تخبر بوجه الحكمة فيه؟ يا موسى، إني على علم من علم الله، علمنيه لا تعلمه، يريد: علم الباطن، وأنت على علم من علم الله علمكه الله، لا أعلمه، يريد: علم الظاهر، فقال له موسى: (ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا)، فقال له الخضر: (فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا)، أي: حتى أشرح لك ما ينبغي شرحه، فانطلقا يمشيان على ساحل البحر، فمرت بهم سفينة، فكلموهم أن يحملوهم، فعرفوا الخضر، فحملوهم بغير نول، يقول: بغير أجر، فلما ركبا في السفينة، لم يفجأ موسى إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى، قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم، فخرقتها لتغرق أهلها، (لقد جئت شيئا إمرا)، أي شنيعا من الأمور، وقال مجاهد: الأمر المنكر، (قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا * قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا) قال أبي كعب، النبي صلى الله عليه وسلم: (فكانت الأولى من موسى نسيانا، قال: وجاء عصفور، فوقع على حرف السفينة، فنقر في البحر نقرة، فقال له الخضر: ما علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر "،