تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٢
لفعله صلى الله عليه وسلم، إذ أفعاله في حكم الشرع المستقر، وقال ابن عباس وقتادة وغيرهما: إنما نزلت الآية بسبب جماعة من المؤمنين قالوا: نستغفر لموتانا، كما استغفر إبراهيم عليه السلام، فنزلت الآية في ذلك، وقوله سبحانه: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه...) الآية: المعنى: لا حجة أيها المؤمنون في استغفار إبراهيم عليه السلام، فإن ذلك لم يكن إلا عن موعدة، واختلف في ذلك، فقيل: عن موعدة من إبراهيم، وذلك قوله: (سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا) [مريم: 47] وقيل: عن موعدة من أبيه له في أنه سيؤمن، فقوي طمعه، فحمله ذلك على الاستغفار له، حتى نهي عنه، وموعدة من الوعد، وأما تبينه أنه عدو لله، قيل: ذلك بموت آزر على الكفر، وقيل: ذلك بأنه نهي عنه، وهو حي، وقوله سبحانه: (إن إبراهيم لأواه حليم) ثناء من الله تعالى على إبراهيم، و " الأواه " معناه الخائف الذي يكثر التأوه من خوف الله عز وجل، والتأوه: التوجع الذي يكثر حتى ينطق الإنسان معه ب‍ " أوه "، ومن هذا المعنى قول المثقب العبدي: [الوافر] إذا ما قمت أرحلها بليل * تأوه أهة ولا الرجل الحزين ويروي: أهة.
وروي أن إبراهيم عليه السلام كان يسمع وجيب قلبه من الخشية، كما تسمع أجنحة النسور، وللمفسرين في " الأواه " عبارات كلها ترجع إلى ما ذكرته.
* ت *: روى ابن المبارك في " رقائقه "، قال: أخبرنا عبد الحميد بن بهرام، قال:
حدثنا شهر بن حوشب، قال: حدثني عبد الله بن شداد، قال: قال رجل: يا رسول الله، ما الأواه؟ قال: " الأواه الخاشع الدعاء المتضرع، قال الله سبحانه: (إن إبراهيم لأواه حليم) " انتهى.
و (حليم) معناه: صابر، محتمل، عظيم العقل، والحلم: العقل. وقوله سبحانه:
(وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم...) الآية: معناه التأنيس للمؤمنين، وقيل: إن
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة