(قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين (114) قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين (115)) وقوله سبحانه: (قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء...) الآية، أي: أجابهم عيسى - عليه السلام - إلى ما سألوا، فيروى أنه لبس جبة شعر، ورداء شعر، وقام يصلي، ويبكي، والعيد: المجتمع، وقوله: (لأولنا وآخرنا)، روي عن ابن عباس، أن المعنى: يكون مجتمعا لجميعنا أولنا وآخرنا، قال: فأكل من المائدة حين وضعت أول الناس، كما أكل آخرهم، (وآية منك)، أي: وعلامة على صدقي، فأجاب الله تعالى دعوة عيسى - عليه السلام -، وقال: (إني منزلها عليكم)، ثم شرط عليهم سبحانه شرطه المتعارف في الأمم، أنه من كفر بعد آية الاقتراح، عذب أشد عذاب، والجمهور أن المائدة نزلت كما أخبر الله سبحانه، واختلفوا في كيفية ذلك، فقال أبو عبد الرحمن السلمي: نزلت المائدة خبزا وسمكا، وقال عطية: المائدة سمكة فيها طعم كل طعام، وقال ابن عباس: نزل خوان عليه خبز وسمك يأكلون منه أينما نزلوا، إذا شاءوا، وقال عمار بن ياسر: سألوا عيسى مائدة يكون عليها طعام لا ينفد، فقيل لهم: إنها مقيمة لكم ما لم تخبئوا، أو تخونوا، فإن فعلتم، عذبتم، قال: فما مضى يوم، حتى خبئوا، وخانوا، يعني: بني إسرائيل، فمسخوا قردة وخنازير، وقال ميسرة: كانت المائدة، إذا وضعت لبني إسرائيل، اختلفت عليهم الأيدي بكل طعام إلا اللحم، وأكثر الناس في قصص المائدة مما رأيت اختصاره، لعدم سنده.
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم