لأنهم كانوا يريدون أن يخدعوا النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا له مرارا: احكم لنا في نازلة كذا بكذا، ونتبعك على دينك.
وقوله سبحانه: (فإن تولوا)، قبله محذوف، تقديره: فإن حكموك واستقاموا، فنعما ذلك، وإن تولوا، (فأعلم...) الآية، وخصص سبحانه إصابتهم ببعض الذنوب دون كلها، لأن هذا الوعيد إنما هو في الدنيا، وذنوبهم نوعان: نوع يخصهم، ونوع يتعدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمؤمنين، وبه توعدهم الله في الدنيا، وإنما يعذبون بالكل في الآخرة.
وقال الفخر: وجوزوا ببعض الذنوب في الدنيا، لأن مجازاتهم بالبعض - كاف في إهلاكهم وتدميرهم. انتهى.
وقوله سبحانه: (فاعلم...) الآية: وعد للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد أنجزه بقصة بني قينقاع، وقصة قريظة والنضير، وإجلاء عمر أهل خيبر وفدك وغيرهم.
وقوله تعالى: (وإن كثيرا من الناس / لفاسقون): إشارة إليهم، ويندرج في عموم الآية غيرهم.
وقوله تعالى: (أفحكم الجاهلية يبغون): إشارة إلى الكهان الذين كانوا يأخذون الحلوان، ويحكمون بحسب الشهوات، (ومن أحسن من الله حكما)، أي: لا أحد أحسن منه حكما تبارك وتعالى.
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين (51) فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين (52) ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين (53)) وقوله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء): نهى الله سبحانه المؤمنين بهذه الآية عن اتخاذ اليهود والنصارى أولياء في النصرة والخلطة المؤدية إلى الامتزاج والمعاضدة، وحكم هذه الآية باق، وكل من أكثر مخالطة هذين الصنفين، فله