تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٢ - الصفحة ١١٤
وقوله تعالى: (هذا بيان للناس)، يريد به القرآن، قاله الحسن وغيره، وقال جماعة: الإشارة ب‍ " هذا " إلى قوله تعالى: (قد خلت من قبلكم سنن).
وقال الفخر: يعني بقوله: (هذا بيان) ما تقدم، من أمره سبحانه، ونهيه، ووعده، ووعيده، وذكره لأنواع البينات والآيات. انتهى.
ثم نهى سبحانه المؤمنين عن الوهن، وهو الضعف وأنسهم بأنهم الأعلون أصحاب العاقبة، ومن كرم الخلق ألا يهن الإنسان في حربه، إذا كان محقا، وإنما يحسن اللين في السلم والرضى، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن هين لين "، وقوله سبحانه: (وأنتم الأعلون) إخبار بعلو كلمة الإسلام، هذا قول الجمهور، وهو ظاهر اللفظ.
قال * ص *: (وأنتم الأعلون): في موضع نصب، على الحال.
وقوله سبحانه: (إن كنتم مؤمنين): المقصد هز النفوس، وإقامتها، ويترتب من ذلك الطعن على من نجم في ذلك اليوم نفاقه أو اضطرب يقينه، أي: لا يتحصل الوعد إلا بالإيمان، فالزموه، ثم قال تعالى، تسلية للمؤمنين: (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله) والأسوة مسلاة للبشر، ومنه قول الخنساء: [الوافر] ولولا كثرة الباكين حولي * على إخوانهم لقتلت نفسي وما يبكون مثل أخي ولكن * أعزي النفس عنه بالتأسي والقرح: القتل والجراح، قاله مجاهد وغيره.
وقوله تعالى: (وتلك عن الأيام نداولها بين الناس)، أخبر سبحانه على جهة التسلية، أن
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة